ربط الصيدليات إلكترونيًّا يسهم في سلامة المرضى
سلامة المرضى ليست شعارًا ولا علامة تجارية. هي مبدأ خدمي ينتهجه مقدمو الخدمات الصحية لحماية المريض آنيًّا ولاحقًا يجنبه الأخطاء، ويحسن ما يقدم له من رعاية، ويرفع مستوى الاهتمام به في كل مراحل العناية به. تحت هذه المظلة ما زالت مشكلة تردد الناس على الصيدليات وصرف الأدوية بشكل عشوائي أحيانًا وجنوني في أحيان أخرى شأن مستمر لا بد أن يقف عند حد. وسواء كان من شأن الهيئة العامة للغذاء والدواء أم مجلس الخدمات الصحية أم وزارة الصحة أم الغرف التجارية، فلا بد من أن ينظر للموضوع من عدة زوايا لإيجاد أفضل الحلول له. مع أن الوسائل الإعلامية خلال السنتين الماضيتين تطرقت لمثل هذا الموضوع، إلا أن الطرح كان إخباريًّا أكثر منه تحليليًّا وذا قيمة علمية تعود على الصناعة بفائدة كبيرة.
إن تنامي أعداد الصيدليات الخاصة في مناطق المملكة وصل بها إلى عدد 5466 صيدلية في عام 1428هـ. وبمعدل 2.4 في المائة تقريبًا كزيادة سنوية محسوبة من الإحصاءات المنشورة في الكتاب الإحصائي الخاص بوزارة الصحة، فإن لدينا الآن في عام (1434هـ) ما يزيد على 6600 صيدلية على مستوى المملكة تقريبًا. هذا التسارع لا بد أن يقابله تسارع مشابه في نشر الوعي والثقافة الصحية حول الدواء واستخداماته، أضراره الجانبية وفوائده... إلخ. ولكن هل فعلا تسير المشاريع بهذا التناغم؟ ما يحدث على أرض الواقع يحتاج إلى وقفة صارمة وقرار سريع تجاه عملية ''الربط الإلكتروني'' لمنشآت الدواء بجميع أنواعها إلكترونيًّا حتى لا يتسبب التأخير في صعوبة إنقاذ وضع أكبر الفواتير الصحية تأثيرا في صناعة الصحة. يمكن لنا أن نبدأ عدة دراسات ميدانية، إضافة إلى اكتمال البنى التحتية، وذلك بهدف تحقيق ما هو أبعد من حصر وحساب وتوفير وثقافة. إننا سنحقق سلامة المريض التي أصبحت هدفا يعنى به كل مقدم خدمة صحية ومرفق خدمات صحية.
حاليًّا، ليقتنع الممارس والمستفيد والمسؤول، سنتخطى مسألة حجم الاحتياج لهذا العدد من الصيدليات، وسنتخطى مسألة التصريح والترخيص، وكثير من الأسس التي كنا قد أشبعناها طَرْقًا ولم يُطرق بابها للآن. وبالتالي سنبدأ بفوائد الربط ''اقتصاديًّا'' التي يذكر أهمها هنا وهي: وقف تحميل الدولة والمجتمع لأعباء الدواء وخفض أو التحكم في الفاتورة إجمالا. إن كمية الهدر أو الاستخدام غير المنضبط سيكون محصورا ومحسوبا إذا ما تم ربط الصيدليات الخاصة بشبكة إلكترونية مع مجلس الخدمات الصحية والهيئة العامة للغذاء والدواء. هذا ما سيساعد أجهزة القطاع المختلفة على تخطي مشكلة فاتورة أهم الخدمات المقدمة للمريض.
أما إذا ما تناولنا الأهمية والفوائد من ناحية ''صحية'' فمن أهمها: (1) الرصد المباشر سيكشف الذين يترددون على الصيدليات لتكرار استخدام بعض الأدوية التي لا يعرفون مدى خطورة القيام بذلك على صحتهم مباشرة أو التسبب في بعض الأضرار الجانبية. كما سيكشف مستخدمي نوعين أو ثلاثة يمكن أن تتسبب في ضرر صحي لاحقا لا يفطن له المريض. (2) تعويد الأطباء على استخدام التقنية والاستعانة بنظم دعم القرار، مما يجنب المريض أحد أهم الأخطاء الطبية، وهو صرف العلاج الخطأ. (3) جميع المرضى سيلقون نوعية الخدمة نفسها وبالجودة نفسها زمنا وآلية عمل في هذه المنشأة أو في المرافق الصحية العلاجية. (4) دعم الدراسات السريرية بإيجاد سجل صرف الأدوية لكل فرد مريضًا كان أم مراجعًا. ففي أي مرفق يكون المريض تظهر تحت اسمه كم، ونوع، وتواريخ صرف الأدوية التي تناولها خلال زمن معين مضى. وهنا يقوم الطبيب بوصف ما يلزمه ويكفيه ولا يؤثر فيه ويتماثل للشفاء بأمر الله بعد أن كان يعيش عشوائية ساند في سوئها عدم استخدام آليات العصر في الخدمات الطبية.
بالنسبة للوضع النظامي والإجرائي فإن من الفوائد أن يتم: (1) تحديد الصيدليات ونوعية الأصناف التي تتوافر بها وكمياتها وتواريخ الصلاحية ومواقعها... إلخ. (2) إخضاع كل محتويات الصيدلية للتفتيش والفحص الإلكتروني المسبق، وإحكام الرقابة والمتابعة المتمثلة في الجرد أو مراقبة المخزون. هذا سيؤدي إلى تسجيل المتوافر والمنصرف وحفظ سجلات حركة الدواء ابتداء من كتابة الوصفة العلاجية وحتى هوية المصروف له الدواء. (3) الربط مع برامج دعم القرار ليسهل اختيار العلاج الأنسب والمتوافر والصالح للاستخدام. (4) إيقاف الكثير من الحيل المستخدمة لصرف الأدوية الخطيرة والمخدرة، وذلك بالتنظيم المتبع في كشف هوية صاحب العلاج وهوية مستخدم الصلاحية بشكل خطأ، مما يساعد على تقنين وتنظيم إجراءات وضع العقاقير والأدوية إذا ما تحولت الحالة إلى قضية قانونية أو شرعية. (5) كشف الأصناف المسجلة والمرخصة من الصيدليات بناء على قواعد البيانات المختلفة التي تعدها وتطورها هيئة الغذاء والدواء. (6) تجهيز الأدوية العلاجية قبل حضور المراجعين؛ حيث عادة ما يتسبب الزحام في خلق فوضى وتراكم مراجعين ونشوء مشاكل من نوع آخر. (7) الانتقال من مرحلة الإيميل في المراسلة والتسجيل والترخيص والفوترة إلى شمولية الخدمة والرقابة الإلكترونية لضمان سير نظامية تقديم الخدمة حسب اللوائح والأنظمة المقرة. (8) سرعة اتخاذ القرار حيال أي من إجراءات الهيئة من منع أو سحب أو ترخيص أو ايقاف أو غير ذلك. ومن ثم (9) سهولة إعداد التقارير السنوية التي تهم كثيرا من المهتمين في القطاعات المختلفة.