مرحبا بكم على متن.. خطوط المعاناة المتكررة

الطيران في عالم اليوم أكثر من مجرد ناقل تمتطي ظهره ليقطع لك المسافة بين نقطتين، واحدة ترحل منها، والأخرى تستقبلك. إنه مختصر وطن طائر، يبدأ من سقف المطار، ويمتد على أرض الطائرة، وينتهي عند نقطة الوداع. هو بالضبط ذلك الجزء من الذاكرة الذي يجعلك تبتهج عند تكرار الرحيل فيه، أو تعلوك سحب الكآبة والهم والضجر، إنه الوجه الجديد للأوطان، والهوية، والسفير الذي يقيم سفاراته في النفوس قبل أن يقيمها على مجرد أرض تمتد على بضعة أمتار في هذه الدولة أو تلك!
من هذه المقدمة، سأسرد ما في ذاكرتي ''الحديثة جداً''عن خطوطنا الجوية السعودية ـــ أو قل: خطوط المعاناة المتكررة ـــ، فقد حصل أن رحلت من مطار الملك فهد في مدينة الدمام يوم الثلاثاء الموافق 28 أيار (مايو) 2013 رحلة رقم SV 1103 إلى مدينة جدة، وعانيت في الحصول على مقعد في هذه الرحلة التي كان موعد انطلاقها في الثامنة صباحاً، وهو ما يعني الحضور باكراً في المطار، فحضرت في تمام الساعة 5,45 صباحاً، وطلبت من موظف الخطوط أن يقوم بعمل ترقية من الدرجة السياحية إلى درجة رجال الأعمال، فقطع الرجل بطاقة الصعود، وفي تمام الساعة السابعة وربع وجهني إلى كاونتر ركاب الانتظار حيث سيقوم الموظف هناك بترقية الدرجة.
وبالفعل، وكما طلب، توجهت إلى هناك في الساعة 6,45 وطلبت الطلب نفسه منه، فأفاد الموظف أنه يتعين عليّ أن أقوم بمراجعته عند تمام الساعة 7,15، فعلت ما طلب، وتوجهت في تمام الساعة السابعة والربع، فلما رآني أفاد أنه لا يستطيع عمل ترقية لي إلا بعد شراء تذكرة، فتوجهت إلى مبيعات التذاكر، فأفاد الذي هناك أنه لا يستطيع إصدار تذكرة حالياً لأن الرحلة مغلقة من جهته، ولا بد أن أراجع كاونتر الانتظار، فتوجهت هناك، فأفاد الموظف أنه يمكن الحصول على الترقية عند بوابة الدخول، فتوجهت إليها، وطلبت الطلب ذاته من الموظف، فأفاد أنه يتعين علي الانتظار حتى ركوب آخر راكب للطائرة! ففعلت، وركب الجميع، وبعدها اتصلت على المشرف لعمل الترقية، إلا أنه أفاد بوجوب أن يكون عندي تذكرة جديدة حتى يستطيع عمل الترقية لي، شكرته ومضيت، وهكذا الحرفية في العمل وإلا فلا!
بحكم عملي وسفري المتواصل، دارت في رأسي الأفكار، ومعها أسراب الهموم، فمعلوم أن كل شركات الطيران تراعي العميل، وتركز اهتمامها عليه، وتكون شفافة في التعامل معه بدرجة عالية جداً، الرسالة التي ينقلها الموظفون هناك واحدة، ولكن الحال يختلف مع الخطوط السعودية، فكل موظف يرى أنها مجرد شركة، وأن القوانين فيها تتغير بتغير الموظف المسؤول ربما، وإذا عرف السبب بطل العجب!
وفي ضوء ما نسمع عن إمكانية تعاون قريب بين خطوط الطيران السعودي والقطري فلابد أن يفهم الطيران السعودي ويستجيب للتطور الكبير الذي يشهده عالم الطيران، أو يستفيد من خبرات الطيران في المنطقة، وعلى الخطوط القطرية أن تنتبه قبل أن تبدأ هذا المشروع إلى أهمية أن يكون العميل أساس الاهتمام، وأن يعمل على الارتقاء بالخدمة نظير ما سيحصل عليه من مال، وأن تعمل إدارة العمليات في الخطوط القطرية على تخفيف وتذليل العقبات وليس صناعتها، ومن المهم أن يكون المشرف حاضراً في مكانه لحل المشكلات بصورة مباشرة وعدم إدخالها في متاهات لا تنتهي تجعل من تجربة الرحلة معهم موسم عذاب وهم.
حسب تقييم SKYTRAX تعتبر الخطوط السعودية طيرانا من فئة ثلاث نجوم كتقييم عام، وإني أدعو الجميع لقراءة التقرير والاطلاع على تفاصيله، ففيما يخص فريق عمل الخطوط السعودية بصورة عامة فقد حصل على ثلاث نجوم، السؤال هو: لماذا لم يحصل على خمس نجوم؟ والجواب واضح، لأن التقييم يعتمد على التعامل مع العميل وجودة الخدمة التي تقدمها للعميل، في حين أن العميل ليس داخلاً في اهتمامات الخطوط السعودية إلى حد ما.
وفي التقرير نفسه، نجد أن الخطوط القطرية حصلت على التقييم الكامل من فئة خمس نجوم، ونسأل أيضاً: لماذا لا نتميز في خدماتنا لنلحق بالمتميزين؟ ما سبب التراجع وعدم الريادة في الخدمات؟ هل سياسة عدم وجود المنافس تسبب تردي الخدمات هذا وتدهور درجات التقييم؟ يحيرني هذا السؤال دائماً في جميع الخدمات، لماذا لا نكون الرواد في الخدمات؟ والأهم، ألا يستحق المواطن السعودي خدمة خمس نجوم، حتى ولو من باب العطف لا غير؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي