تحديات التحول إلى معايير المحاسبة الدولية

في مقالي السابق ذكرت أن الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين أقرت مشروع التحول لمعايير المحاسبة الدولية اعتباراً من عام 2017 بشكل جزئي، ومن ثم يكون تطبيقاً شاملاً على جميع الشركات من عام 2018. وذكرت أن هناك تحديات كثيرة تبرز نتيجة لعملية التحول، ولعلي أحاول في هذا المقال التطرق بشكل مختصر إلى أهم هذه التحديات التي سيواجهها معدو ومستخدمو القوائم المالية جراء قرار التحول. ومن المعلوم أن قرار التحول إلى المعايير الدولية لم يأت من فراغ، وإنما جاء بعد عدة سنوات من الدراسة والنقاش مع المختصين والمستفيدين من معايير المحاسبة، ويأتي هذا التوجه بما يخدم توحيد قراءة القوائم المعدة والمعتمدة في السعودية للأغراض الدولية، وهذا يتلاءم من وجهة نظري مع ظروف ومتطلبات المرحلة الحالية والنمو المتسارع الذي تشهده المملكة - ولله الحمد - وما أفرزته توصيات قمة مجموعة العشرين.
يبرز التحدي الأول في موضوع اللغة حيث إن المعايير الدولية لا تكتب باللغة العربية وإنما تتم ترجمتها من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية، وهنا يبرز إشكال آخر أن الترجمة لا تعتمد من الهيئة المصدرة للمعايير، وبالتالي لا يمكن الاعتماد على الكتب المترجمة، حيث إن الأساس يكون دائماً هو ما كتب باللغة الإنجليزية. فكيف ستكون معالجة موضوع ترجمة المعايير واعتمادها من جهة المصدر وما هي الآلية التي ستتبع لاستمرارية آلية الترجمة بعد عملية التحول، وخصوصاً أننا نعلم كبر حجم إصدارات مجلس معايير المحاسبة الدولية، كما أننا نعلم أن هناك نسبة كبيرة من مستخدمي المعايير المحاسبية في السعودية لا يجيدون اللغة الإنجليزية مما يعني صعوبة استفادتهم من المعايير الدولية دون ترجمة معتمدة لها. وهكذا تتوالي التحديات المتفرعة من موضوع الترجمة فقط.
يأتي التحدي الآخر في توافر العناصر البشرية المؤهلة للتعامل مع مشروع التحول، حيث إن كثيراً من المتعاملين مع معايير المحاسبة لا يتعاملون حالياً مع معايير المحاسبة الدولية بشكل شامل وإنما قد يتم تعاملهم معها بشكل جزئي وحسب متطلبات الحاجة. وبالتالي كيف سيكون تأهيل وتدريب العنصر البشري ليكون مؤهلاً للتعامل مع مشروع التحول للمعايير الدولية، ومن المسؤول عن عملية إعداد العنصر البشري؟ فالشق المالي قد يكون مسؤولية فردية سواء كانت شركات أو مكاتب مهنية أو غيرهما، ولكن الشق العملي والنظري والمتابعة وتوفير الإطار العام والمنهجية الخاصة بعملية التحول هي مسؤولية عدة جهات حكومية وغير حكومية، فكيف سيتم توضيح ذلك؟ وما آلية تحديد المسؤوليات وتقسيم الأدوار؟
يندرج أيضاً ضمن هذه التحديات كيفية التعامل مع الفروقات المتعلقة ببعض التطبيقات المحاسبية بين ما نصت عليه معايير المحاسبة السعودية وما نصت عليه معايير المحاسبة الدولية. وللتوضيح للقارئ من خلال مثال عملي فإن المعايير الدولية تسمح بإعادة تقويم العقارات الاستثمارية وفقا لقيمتها السوقية العادلة وإدراج الفروقات في القوائم المالية، بينما تمنع المعايير السعودية هذا التطبيق فكيف سيكون التعامل مع مثل هذه الحالات؟ ومن المسؤول عن حصرها؟
بالتالي يتضح من خلال ذكر بعض التحديات كبر هذا المشروع. لذا يجب العمل على حصر جميع التحديات وطرح التساؤلات حولها ومن ثم إيجاد الحلول لكل هذه التحديات. ودون أدنى شك فهذا الأمر يتطلب تضافر جهود الجميع وتوحيد الأهداف لإنجاز هذا المشروع بنجاح بمشيئة الله تعالى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي