قطاعات الأعمال والأدب

في الاقتصاد الحديث يتم التركيز على مكانة الإنتاج وما يتعلق بها من تنمية للبنيات الأساسية المساندة، وخطوط التوزيع والأسواق، والمباني، والإدارات، وكل ما يتعلق بتجارة السلع والتسويق.
وكانت سابقا تغيب الفنون والآداب عن المجتمعات الرأسمالية غيابا تاما؛ اللهم إلا في تصاميم السلع والمباني وتزيينها أو في أماكن الترفيه الاستهلاكي، وفي مثل هذا الاقتصاد الرأسمالي كان يغيب الإنسان واحتياجاته الروحية أو يستعبد في اقتصاد السوق ومتعلقاته.
منذ منتصف القرن الماضي بدأت أصوات في العلاقات الإنسانية تتحدث عن أهمية روح الإنسان وحاجته المتعلقة بالإبداع، والفن، والأدب كأحد المتنفسات الطبيعية للخروج من حال الكآبة التي يخلقها توتر العمل، لكن مع هذا يهمش الإبداع الإنساني وعلومه لأنها ليست من مستلزمات عملية الإنتاج بشكل مباشر.
في مجتمعاتنا النامية ما زال الاهتمام بهذا الجانب الإنساني أقل، ومع هذا لا تعدم رعاية شركات كبرى للإبداع الفني والثقافي وتخصيص بعض مال العلاقات العامة لهذا الجانب الثقافي، فدعم الثقافة في جانبها يؤسس لأساليب الحوار الاجتماعي، بل هو نخبة حوار المجتمع حامل القيم الأساسية في هوية المجتمع وثقافته.
الإبداع الثقافي الحر مسطورا، أو مرئيا، أو مسموعا يحرض التداعي، والتعبير عن آرائنا سواء في حوار ذاتي أو حوار بيننا وبين آخرين.. لأننا لن نستطيع الوصول بخطاب من طرف واحد للنتيجة المذهلة لحوار تشاركي يصنعه الإبداع ليرقى بقناعات الناس حول الفكر المطروح، وفقط هم أصحاب الرأي الضيق هم من يحاولون فرض الرأي الضيق على كل المجتمع، والمؤسسات الصناعية والشركات تحتاج إلى أن تفهم مجتمعها فهما صحيحا يعزز تعاملاتها ولا يعرضها للرفض، ووسيلتها حوار صحي.
والمؤسسات والشركات والجهات المالية تتلمس النخبة بصفته توجه قادة الرأي المثرين لعاصفة الرأي بقطاعات من الناس هم إما عملاء وإما عاملون في الشركة من البيئة المحيطة.
الإبداع الثقافي يعدل المفاهيم والسلوك ويحيد التطرف ويدعم فكر الابتكار العلمي في العلوم التطبيقية، وغير الأدب والفن من صناعة وزراعة، لأنه يثير الخيال الخصب بمعطياته لدى فئات المبدعين والمبتكرين بالعلوم الأخرى، وتشجيع الابتكار في مجالات غير الفن وتستفيد منه المؤسسات في تطوير منتجاتها، لذلك فتحييد الفن والأدب والثقافة كان خطأ رأسماليا بدأت تعيه الشركات والمؤسسات المالية والصناعية الكبرى.
هذا الوعي عندنا جاء بأخطاء أحيانا وهو تبني فرق أجنبية من واقع ثقافة المديرين، لكنهم سيعون يوما أن أكثر ما يلامس جمهورهم هو ثقافة من بيئتهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي