إحصائيات ولكن..
تحظى لغة الأرقام وإحصائيات كرة القدم باهتمام بالغ قبل انطلاق أي بطولة، ولا أعتقد أن هناك أفضل من عناوين يتم تداولها في وكالات الأنباء والصحف والمواقع العالمية على شاكلة هل يكسر اللاعب الفلاني الرقم المسجل باسم زميله، أو هل يتفوق المنتخب (أ) على منتخب (ب) الذي احتكر هذا الرقم طوال تاريخه الرياضي، سواء من ناحية الفوز بالبطولات أو التهديف أو الانتصار في أكبر عدد من المباريات، وغيرها من الإحصائيات المهمة التي تثير التنافس بين الأندية والمنتخبات واللاعبين، وتسجل الإنجازات والألقاب باسم هذا اللاعب أو ذاك المنتخب.
هذه الإحصائيات تجد كل العناية من قبل الاتحادات الكروية الأهلية والدولية التي لا يمكن أن تجعل التاريخ الرياضي عرضة للاجتهادات الشخصية أو الظنون أو التلاعب، بخلاف ما يجري في الاتحاد السعودي الذي لا يعير لغة الأرقام والإحصائيات أي اهتمام؛ ربما حتى يكون في مأمن مما قد تسببه من جدال بين الأندية أو محبي هذا اللاعب وغيره!
في الآونة الأخيرة أنشأ بعض المهتمين بإحصائيات كرة القدم موقعاً خاصاً بتاريخ المنتخب السعودي، ولن أتحدث عن الموقع الآخر الذي يرصد إحصائيات الدوري السعودي لحداثة نشأته.
تصفحت الموقع الأول الأهم الذي يرصد تاريخ المنتخب عن طريق طلب الرابط من أحد الأصدقاء، وهذه أولى الملاحظات عليه، ثم فوجئت على الرغم من الجهد الرائع والتنوع الكبير فيما يقدمه من إحصائيات وتفصيلات مهمة بأن آلية العمل المتبعة والمنهجية الإحصائية التي سار عليها فريق الإحصاء غير واضحة المعالم حتى يمكن تقديم الملاحظات بناء عليها، ناهيك عن أن الموقع لا يزال يُجيَّر لمجهول، فهو لم يعتمد بعد من الاتحاد السعودي، ولم تورد أسماء الذين اجتهدوا في تأسيسه حتى يتسنى للمهتمين بالتاريخ الرياضي التواصل معهم سوى بعض الأسماء الواردة في أخبار تنشر في الصحف بين الفينة والأخرى!
المشكلة الحقيقية التي لا نزال نعانيها في سياق الإحصائيات أن الاتحاد السعودي لم يقدم لهذا الموضوع المهم سوى تشكيل لجنة للإحصاء تنضم مرة للإعلام ومرة أخرى للجنة الفنية دون أن تقوم بدورها على الشكل المطلوب، وكأن ذلك اعتراف صريح بعدم أهمية الأرقام والإحصائيات، ودور الأرشفة في إثارة التنافس الرياضي، وإبراز أسماء وأندية لم تأخذ نصيبها في عالم النجومية والإبداع.
لن ألوم المتطوعين الذين يعملون ويجتهدون في تأسيس هذه المواقع الإحصائية، لكنني أتوجه باللوم للاتحاد السعودي الذي ترك إرثاً وتاريخاً رياضياً ثرياً في أدراج النسيان، ولم يؤسس أرضية شاملة لهذا الإحصاء المهم الذي يحفظ حقوق الجميع، وحتى حينما حاول المهتمون التوثيق أصبحوا يعملون وحدهم في مواقع شخصية على (أمل) أن يحظوا بدعم أو رعاية أو اعتراف بما يقومون به من توثيق مهم لمراحل كرتنا ونشأتها وتطورها، لا أن يكون نصيبهم تركهم في الساحة وتجاهل جزء مهم من التاريخ الرياضي لمجرد أخطاء أو قناعات لا تمت للإحصاء والتوثيق بصلة!