خنق الأندية
أكبر مشكلة يمكن أن تعانيها كرة القدم السعودية تكمن فيما تفعله لجنة الاحتراف هذا الموسم من تطبيق صارم للاحتراف وملاحقة الأندية التي انضمت إلى قائمة الشكاوى قبل أن يتم إقرار مشروع الخصخصة الذي تأخر كثيراً ولن نراه قريباً على أرض الواقع، وحتى بعد بقاء أندية النصر والاتحاد والأهلي والشباب بلا موارد مالية بعد انسحاب الشركة الراعية.
لست ضد ما تفعله لجنة الاحتراف إذا كانت هناك مداخيل وموارد للأندية، لكن ما يحدث الآن هو بمثابة خنق لأندية تحتضر من الناحية المالية - اللهم إلا من دعم محدود من شرفيين يعدون على الأصابع- ويؤكد أيضاً غياب مبدأ المرونة المالية المشروطة بالتسديد على دفعات تجدول لجميع الأندية حتى تمسك لجنة الاحتراف عصا التطبيق من المنتصف.
لن أتحدث عن أندية الوسط أو المؤخرة التي لا حول لها ولا قوة من الناحية المادية، ولا تزال تبحث بشتى الوسائل عن حقوق مجزية لها من رابطة دوري المحترفين، لكن سأتحدث عن مأساة على أرض الواقع تمس أندية كبيرة وجماهيرية وجدت نفسها فجأة خارج منظومة الرعاية التي خففت عنها بعض الحمل في السنوات الماضية، وخلال موسم واحد إذا بها تسقط في فخ الديون الكبيرة والمستحقات التي لن تنتهي بمجرد شكوى مقدمة من لاعب أو تطبيق قرار صادر من لجنة الاحتراف التي تتطلع إلى أن تكون اسماً على مسمى أمام أندية باتت أقرب إلى الهواية أكثر من أي وقت مضى!
قبل أن أدخل في صميم بحث لجنة الاحتراف عن حفظ حقوق الجميع وهو من أهم القضايا التي نطالب بها بشدة في الوسط الرياضي الذي أصبح باب التسول فيه غير مستغرب من أي لاعب نجماً كان أم لم يكن دون أي مراعاة أو تقدير لتاريخه وعطائه ونجوميته، تراودني أسئلة في غاية الأهمية وأتطلع إلى أن أجد لها إجابات شافية من الرئاسة العامة لرعاية الشباب والاتحاد السعودي اللذين تركا الأندية تتسول لتبحث عن هويتها أمام جماهير تطالب بتحقيق أمنياتها بأي طريقة: هل فكرتم يوماً في آلية واضحة لمواجهة هذه الأزمة المالية التي تمر بها الأندية كل موسم، ناهيك عن 140 شكوى استجدت هذا الموسم؟ وأين الحلول العاجلة التي تقف دون انهيار وشيك لأندية وقعت ضحية عقود ومستحقات بالملايين وسط انسحاب شركات الرعاية؟ وبماذا تفسرون انسحاب الشركة الراعية هذا الموسم عن رعاية أربعة أندية؟
قبل الإجابة عن هذه الأسئلة بودي لو غير القائمون على رياضتنا وأنديتنا شيئاً من قناعتهم التي لا يمكن أن تتوافق مع ما تطلبه لجنة الاحتراف، فنحن بالفعل أمام أزمة مالية كبيرة توشك معها الأندية على إعلان إفلاسها، بينما لا ندرك في المقابل أننا لا نملك كفاءات إدارية على قدر كبير من الاحترافية في مجال التسويق وجذب الشركات والشراكات ومهارة إدارة الرياضة والأندية؛ على الأقل لنبقى في دائرة الضوء أمام شركات الرعاية في المستقبل القريب قبل حلم الخصخصة المستحيل!