الميزانية وتحديات التنمية
دخل السعودية من النفط فقط ثلاثة مليارات ريال يومياً.. هذا الرقم هو حصيلة صادرات المملكة خلال فترة الـ 11 شهرا الماضية من 2013، التي بلغت نحو 2.42 مليار برميل من النفط بقيمة 985,6 مليار ريال. ويتوقع الاقتصاديون وصول فائض الميزانية إلى 290 مليار ريال مع وصول إجمالي إيرادات الميزانية النفطية وغير النفطية إلى 1.16 تريليون ريال.
اللهم زد وبارك.. لكن علينا أيضاً ألا نغفل التحديات التي تواجه التنمية المستدامة.
التحدي الأول هو تبعات اتفاق إيران مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة بصدد مفاعلاتها النووية. ورغم تخفيف بعض كتابنا الأفاضل من تأثير هذا الاتفاق في الأسعار، إلا أننا لسنا بمنأى عن تقلبات السوق النفطية.
التحدي الثاني هو عدم وجود البديل لتنويع مصادر الطاقة على الأقل حالياً أو في المديين القصير والمتوسط. السعودية في حاجة إلى عشرة أعوام على الأقل لإنتاج الطاقة النووية كأهم الركائز الأساسية لإنتاج الطاقة الكهربائية. في تلك السنوات العشر، ستكون تكلفة مشاريع السعودية لإنتاج الكهرباء نحو 500 مليار ريال، أي ربع موجودات مؤسسة النقد السعودية.
التحدي الثالث هو نقص أو انقطاعات إمدادات المياه. شركة المياه الوطنية تؤسس لمشاريع الخزن الاستراتيجي تتجاوز تكلفتها 51 مليار ريال. بعض محطات التحلية تجاوزت 35 عاماً وانتهى العمر الافتراضي لبعضها الآخر وسنحتاج إلى خمس سنوات لبدء بناء وتشغيل محطات تحلية جديدة.
التحدي الرابع هو الفساد. رغم تأكيد رئيس هيئة مكافحة الفساد أن "الفساد لا يؤثر في التنمية" وأن الرشوة واستغلال السلطة واستغلال المال العام "فساد غير مقصود"، فإن الدلائل تشير إلى العكس تماماً.
مع احترامي لرئيس الهيئة، في دراسة تمت مناقشتها في معهد الإدارة العامة في الرياض الأسبوع الماضي تبين أن الإهمال والمحسوبية والواسطة والرشوة منتشرة بنسبة 50 في المائة في الأجهزة الحكومية السعودية، وأن الداخلية رصدت خلال العامين الماضيين 11 ألف قضية فساد إدارية.
التحدي الخامس هو تحجيم مشاركة المرأة في التنمية. مع الأسف، ما زال الخطاب المتشدد يتمسك بمفاهيم بالية لا تساعد على انخراط المرأة السعودية في سوق العمل أو إعطائها حق التنقل من ضمن حقوق أخرى. لا يخفى على أحد أن هذه المفاهيم بعيدة عن الحيادية والموضوعية، بل تؤثر سلباً في الرأي العام والاقتصاد داخلياً وخارجياً، لما تحتويه من لغو ولغط وتشويش وبلبلة فكرية.
التحدي السادس عدم اكتمال تأسيس المحاكم المختصة رغم صدور الأوامر الملكية، إضافة إلى مناكفة الخطاب المتشدد لتقنين الأحكام القضائية. بالمناسبة، لا بد أنكم قرأتم أن مهارة "صب القهوة" هي أحد شروط التقدم لوظيفة في إحدى المحاكم الإدارية.