التقنية أسهمت في تسليع الأصول!
يسعى العالم والمطورون إلى تعجيل وتيرة الأعمال بكل شكل ممكن، وكذلك تسريع إتمام الإجراءات وتعزيز نمو الطلب على كافة المنتجات، وذلك بدوره يعزز نمو الحركة الاقتصادية على وجه العموم، ويعزز من فرص خلق وظائف جديدة وأعمال جديدة تخدم الأفراد على كافة المستويات. إن تعزيز النمو الاقتصادي يعزز أيضا تزايد وتيرة نمو الثروات لدى الأفراد ويعزز وصولهم إلى أشكال مختلفة من الأصول والمقتنيات. كذلك فإن تزايد دخل الفرد يزيد من جاذبية السلع له. أما على صعيد المنشآت التي تستمد قوتها من نمو الطلب والحراك الاقتصادي فهي بحاجة إلى بيئة اقتصادية نشطة تلبي احتياجاتها في التوسع والاستدامة والنمو لتستمر ويستمر أثرها ضمن العجلة الاقتصادية.
في بداية الثورات الخدمية المصرفية كانت العمليات الكبرى من هذه الخدمات متاحة فقط إما للشركات الكبرى أو لأصحاب الثروات العالية، لطبيعة هذه المنتجات، ولأجل أن تتجاوز البنوك كمًّا هائلا من العمليات الإدارية الداخلية لإتمام أي من هذه الصفقات سواء كان ذلك عملية تمويل ضخمة أو بيع منتج استثماري مميز، حتى بدأ التركيز يزدهر نحو المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وكذلك حين زاد استيعاب أثر هذه الشريحة في توليد النمو الاقتصادي واستدامته، فبدأ التركيز في زيادة حصة هذه الشريحة للوصول إلى سعة أكبر من التمويل لتسهم في ديمومة الأعمال لديها وبالتالي استمرارية تنويع قاعدة الاقتصاد لأي دولة ونمو أعمال تلك المنشآت.
وبشكل يمثل تطورا طبيعيا فإن نجاحات الشركات الصغيرة والمتوسطة تعني زيادة في شرائح الأغنياء والأثرياء، ما يؤكد الحاجة إلى توسيع قاعدة المنتجات المصرفية والاستثمارية الملائمة لهم.
جاءت بعد ذلك ثورة تطوير التقنيات المالية التي أوصلت مجموعة المنتجات إلى شريحة أوسع من العملاء فلم تقتصر تلك المنتجات على الأثرياء، بل بدأ تقسيم هذه المنتجات إلى أقسام أصغر تحتمل وصول المنتجات إلى قاعدة أكبر من العملاء المستهدفين عبر خدمة التقنيات المالية للقطاع المالي، فكثير من المنتجات لم تعد حكرا على النخبة.
هذا التسلسل في تقديم الخدمات والاستفادة منها زاد من رغبة التطوير في الخدمات المقدمة حتى بدأ الاتجاه نحو تسليع الأصول الأقل سيولة أو قدرة على التسييل إلى أن تكون أصولا متداولة، فبدأ نموذج من تسليع الأصول وإتاحتها للتداول وتمكين شريحة واسعة من الأفراد من تملكها.
فمثلا حتى العقار بفضل التقنيات والتشريعات الجديدة أصبح بالإمكان تسليعه بإتاحته لتملك شريحة واسعة من المستثمرين الأفراد، سواء كانوا قادرين على اقتنائه كاملا، أو مجزأً، فإن هذه الخيارات أتاحت لهم تنويع مقتنياتهم من الأصول وتعدد أشكالها، كذلك فإن تسليع الأصول وجعلها متداولة جعلها أقرب إلى الاقتناء والاستثمار كالخيار الذي تقدمه الصناديق الاستثمارية المتداولة، إما في السلع كالذهب والفضة وغيرها من المعادن، أو الأصول كالعقارات.