عبدالله هارون .. مانديلا المنسي

عندما كتبت مقالا عن مانديلا جاءتني بعض الانتقادات الإيجابية تسألني لماذا لم أكتب مقالا عن عبدالله هارون ؟ وحتى أكون صريحا مع القارئ ، فأنا لم أكن أعرف من هو عبدالله هارون ، بل سمعت عنه بعد خبر وفاة مانديلا من خلال ما تناقلته بعض رسائل التواصل الإلكترونية . حيث ظهر اسمه بعدما ظهرت بعض المقالات تتحدث عن مانديلا ، والسبب أن كل الرجلين ناضلا من أجل الحرية في وطنه ، وكلاهما سجن من أجل ذلك.

فهل هذا تقصير منا أم من الإعلام ؟ الذي ينشر ما يرد نشره ، ويخفي عنا ما ينبغي أن نعرفه ، ولعل كلا الأمرين صواب ، فنحن والإعلام نتحمل جزءا ذلك ، ولكن السؤال المهم من هو عبدالله هارون ؟.

بدأت في البحث عنه و عن سيرته ، ولكن لم أجد مصادر كثيرة عنه ، وللأسف عندما بحثت في ويكيبيديا العربي لم أجد له أثر ( ولعل هذا المقال يكون حافزا لبعضنا لإضافة مقال له في ويكيبيديا ) ، بل وجدت هناك صفحة في ويكيبيديا باللغة الإنجليزية تتحدث عن أعظم مائة مناضل في جنوب أفريقيا ولم أجد اسمه بينهم ، واستغربت لهذا الأمر أيضا ، ولكني وجدت بعض القصاصات الورقية من جرائد انجليزية قديمة تحدثت عن وفاته ، وقليل جدا من المقالات الحديثة. ويوجد عنه فليم قصير وثائقي مدته عشر دقائق، وكذلك كتاب بالإنجليزي بعنوان " قتل الإمام " ، وموقع على الانترنت فيه بعض من سيرته أيضا بالإنجليزي.

وعند البحث عن صور له في الانترنت لا تكاد تجد إلا واحدة أو اثنتين هنا وهناك ، فهو ليس مما ملئت صوره صفحات الجرائد ، فهل كل هذا التعتيم كان متعمدا ولماذا ؟! . لماذا العالم لم يعرفه كما عرف مانديلا ، لماذا كان مانديلا نجم الشاشات ؟ وعبدالله هارون كان نجم الزنزانات ، أسئلة كثيرة ليست لها أجوبة شافية.

الإمام عبدالله هارون ولد في سنة 1924 في ضواحي كيب تاون ، وقد ماتت أمه وهو صغير فربته عمته ، نشأ نشأة دينية ، ودرس في مدارس المسلمين المحلية في جنوب أفريقيا. عندما بلغ ثلاثين أصبح إماما وخطيبا للجامع في مدينته ، وبدء نشاطه الدعوي 1958 بتأسيس (جمعية شباب كليرمونت المسلم) ، ثم بعد سنة أصدر مجلة شهرية بعنوان " المرآة الإسلامية " ، ثم سميت بعد ذلك "أخبار المسلم (1960 – 1986) ".

وأنطلق في مشواره في النضال من أجل المساواة ، وإنهاء العنصرية في جنوب أفريقيا ، وقد سبق مانديلا في هذا المجال ، بل إن جمعيته هي من أوائل الجمعيات التي بدأت النضال ، ولعل مانديلا جاء ليكمل ما بدؤه الآخرون ، وقد كما لمحت بعض المصادر أن مانديلا ذكر في كتابه " رحلتي الطويلة من أجل الحرية" أن مسلمي جنوب أفريقيا وكيب تاون بالذات سبقوه للنضال ضد العنصرية .

واعتقل الإمام وسجن بعد فترة من سنوات النضال الدعوي للحرية والمساواة ، وقد توفي في السجن بسبب التعذيب كما ذكر في عدة مصادر ، ولكن جاء في التقرير الرسمي أن سبب الوفاة هو سقوط من الدرج ! ، ومات وعمره 45 سنة ، وهو سن صغير نسيبا وهذا لا يتمشى مع ما ذكر من أنه سجن لمدة ثلاثين سنة ، ولكن المهم أن الأعمار لا تحسب بالسنين ولكن الانجازات والآثار ، فكم من شخص عمّر في الدنيا وهو زائد عليها .

وقد حضر جنازته في ذلك الوقت ما يقارب من ثلاثين ألف مشيع ، وقيل عنه : " مهمة الإمام هارون هي مهمة الشعب ، ولم يمت من أجل المسلمين فقط ، بل من أجل قضية الشعب المظلوم ، ومن أجل ذلك ستبقى ذكرها ".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي