«أرامكو» ومتلازمة الإسكان
المتلازمة في الطب هي مجموعة من الأعراض المرضية والعلامات المتزامنة ذات المصدر الواحد، ويبدو أن متلازمة الفيروسات في مجتمعنا السعودي باتت دافعا لتحرك المسؤولين لاتخاذ القرارات وتفعيل الدور المنوط ابتداء بفيروس حمى الوادي المتصدع انتهاء بفيروس كورونا، ولم يكن هذا التحرك لمعالجة الأوبئة والقضاء عليها من قبل المسؤولين لدينا ليحدث لولا تدخل سيدي خادم الحرمين الشريفين وسرعة تفاعله بإحساس القائد بكل إخلاص وأمانة لحماية شعبه ووطنه، وهذا ماعهدناه منه - حفظه الله - من خلال قراراته الجريئة والصائبة في أكثر من مناسبة.
لقد تنبه الملك عبد الله بن عبد العزيز منذ توليه الحكم إلى جميع متلازمات المجتمع السعودي الصحية والتنموية على حد سواء، فبدأ بمتلازمة المشاريع الحكومية، التي استعصى تنفيذها لسنوات طويلة، من خلال توجيه شركة أرامكو بإنشاء جامعة كاوست في ثول على ضفاف البحر الأحمر التي كانت حلما يراوده - حفظه الله - لسنوات طويلة، ثم مشروع تصريف مياه الأمطار والسيول في مدينة جدة، وأخيرا كان مشروع مدينة الملك عبد الله الرياضية الهدية الثمينة التي قدمها - حفظه الله - لأبنائه الرياضيين في المملكة بعد أن تبين أن ستاد الأمير عبد الله الفيصل، الذي أُنشئ قبل 40 عاماً، لم يعد كافياً لاستضافة البطولات المحلية والنهائيات.
أما متلازمة الإسكان في المملكة هي - في رأيي الشخصي - أم المتلازمات التي نحتاج إلى أكثر من قدرات وإمكانات شركة أرامكو لحلها لتعقدها وصعوبتها - مع احترامي الشديد لكفاءة هذه المنشأة العملاقة - وذلك لأسباب عدة أستطيع أن ألخصها كالتالي:
أولا: قضية احتكار الأراضي لا تزال قائمة ولم تتوصل وزارتا الإسكان والشؤون البلدية والقروية لحلها حتى الآن.
ثانيا: مجلس الشورى لم يحل حتى الآن قضية تخصيص بدل السكن السنوي لموظفي الدولة الحكوميين، الذي يعتبر جزءا يسيرا من حل المشكلة.
ثالثا: مشكلة الأراضي البيضاء داخل المدن لا تزال قائمة، وهي السبب الرئيس في ارتفاع أسعار العقار.
رابعا: قيمة الأرض لدينا تمثل من 55 إلى 60 في المائة من القيمة الكلية لبناء منزل بينما المعيار العالمي قيمة الأرض تمثل 15-20 في المائة من قيمة السكن.
خامسا: مشكلة الإسكان في المملكة مشكلة إدارية تنظيمية ولا تعود إلى نقص في الموارد المالية.
أخيرا أود أن أختم وأقول إن متلازمة الإسكان تحتاج إلى برنامج حلول شامل بمشاركة أكثر من جهة لكونها، كما ذكرت، قضية معقدة وتكتسب أهمية قصوى لترابطها مع كثير من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، ونشأت من نتائج تراكمية لخطط الملكية العقارية وخطط التخطيط الحضري وخطط الزكاة والرسوم وغيرها.