قرار الضوابط .. وإصلاح البنية النظامية

يعد قرار مجلس الوزراء رقم (265) وتاريخ 21/ 6/ 1435هـ، القاضي بالموافقة على الضوابط المطلوب مراعاتها عند إعداد ودراسة مشروعات الأنظمة واللوائح وما في حكمها بالصيغة المرافقة للقرار وقيام هيئة الخبراء بمجلس الوزراء بتقويم هذه الضوابط بعد مرور ثلاث سنوات من صدور القرار والرفع بنتائجه إلى مجلس الوزراء، نقلة نظامية نوعية وخطوة مهمة في مسيرة توفير الإطار النظامي في شتى المجالات في المملكة، ويأتي محققاً لأحد أهم متطلبات تمكين الجهات التنظيمية (التشريعية) من ممارسة دورها ومساندتها في وضع الأنظمة التي تحتاج إليها الحكومة والمجتمع في مختلف المجالات، وخصوصا الأنظمة الموضوعية التي يترتب على غياب بعضها آثار سلبية متعددة لا يتسع المجال لذكرها في هذا المقال.
وسبق أن تحدثنا في مقالات سابقة عن ضعف البنية النظامية في المملكة والحاجة إلى سد الفراغات النظامية للأنشطة والمجالات التي تحتاج إلى تنظيم، والحاجة إلى مراجعة الأنظمة خصوصا القديمة منها، وتطويرها بما يواكب المستجدات والتطورات المحلية والعالمية. وتحدثنا عن تجارب بعض الجهات الحكومية كالهيئة العامة للسياحة والآثار ووزارة التجارة والصناعة في الاهتمام بالبنية النظامية للقطاعات التي تشرف عليها فتمكنت من الإسهام في تطوير البنية النظامية للمملكة من خلال رفعها لمجموعة من مشروعات الأنظمة الجديدة، أو تطوير الأنظمة القائمة من بينها نظام السياحة ونظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني ونظام الشركات ونظام الغرف التجارية ونظام العمل.
واليوم نشهد تطوراً جديداً يتمثل في وضع الضوابط المطلوب مراعاتها عند إعداد ودراسة مشروعات الأنظمة واللوائح التي تضمنت بيانا للمعايير والآليات التي ينبغي مراعاتها عند الرفع باقتراحات مشروعات أنظمة أو لوائح جديدة أو معدلة، ودور كل من الجهات الحكومية والأمانة العامة لمجلس الوزراء وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء في مراحل دراستها ومراجعتها، كما تضمنت الضوابط التأكيد على الجهات الحكومية بالاهتمام بالإدارات القانونية ودعمها بالكفايات المؤهلة من خلال وضع خطط لتطوير هذه الإدارات والعاملين فيها بالشكل المناسب.
وتعد هذه الضوابط إضافة نوعية مهمة لتفعيل التعميم السامي الكريم الصادر بتاريخ 1432/8/3هـ القاضي بقيام جميع الجهات الحكومية بمراجعة الأنظمة التي تشرف على تطبيقها وأن تقترح ما تراه بشأنها، بما في ذلك إعداد مشاريع أنظمة جديدة إذا تطلب الأمر ذلك، والرفع بمشاريع الأنظمة الجديدة خلال مدة لا تتجاوز بأي حال من الأحوال ستة أشهر. وهذا التعميم السامي الحكيم يتضمن رؤية إصلاحية بعيدة النظر ويستهدف تطوير وتعزيز البنية النظامية في المملكة، ومن المؤمل أن تسهم هذه الضوابط في تفعيل هذه الرؤية الحكيمة.
ولعل من نافلة القول الإشارة إلى أهمية مسارعة الجهات الحكومية إلى تفعيل هذه الضوابط والعمل على توفير متطلبات التفعيل ومن بينها الكتابة لوزارة المالية لاستحداث وظائف قانونية بمراتب عليا تمكّن من استقطاب كوادر قانونية مؤهلة في إعداد وصياغة الأنظمة، وتخصيص ما تحتاج إليه الجهات من اعتمادات مالية في ميزانياتها لتطوير الأنظمة واللوائح في القطاعات والأنشطة التي تشرف عليها. ولا شك أن ذلك سيسهم في تقليل الدورة الزمنية التي تستغرقها مراحل إصدار الأنظمة والتي يصل بعضها إلى عشر سنوات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي