السعودية خط أحمر مرة أخرى

لا أعتقد أن هناك إنسانا سعوديا محبا لوطنه يتمنى أن يرى السعودية تعيش مثل ما تعيشه كثير من دول العالم، سواء بسبب الحروب الأهلية أو الخارجية أو فقد المبادئ والقيم من حالات الحرب ليس مع الخارج فقط، لكن مع الداخل ومن الداخل أيضا، ولأننا لم نلتفت حقا للبناء السليم المتكامل الداخلي من خلال تقوية وتعزيز الولاء والانتماء الوطني وغرس مفاهيم حب الوطن بالقول والفعل والعمل وأن يعرف كل واحد منا دوره ومسؤوليته نحو وطنه ومواطنيه وألا يؤتى وطننا من خلال أحد منا مهما كان الثمن، ولعلني أذكر في هذا السياق مقولة لأحد أهم وأكبر مجرمي العصر الحديث الذي تسبب في إزهاق أرواح ملايين البشر بحروب وقتل وتدمير لم تعرف البشرية لها مثيلا، ومع كل ما تسبب فيه من قتل وتشريد وتدمير وهدم إلا إنه يقول "أحقر الناس هم أولئك الذين ساعدوني على احتلال بلدانهم"، بهذه النظرة المحتقرة لمن يتسبب في الإساءة لوطنه نظر أدولف هتلر وينظر جميع العالم له نظرة الاحتقار نفسها. وتذكر كتب التاريخ أن الخائنين لأوطانهم هم أول من تتم تصفيتهم من قبل الغزاة لأوطانهم، لأن من يبيع أو يخون وطنه فإنه أقدر على بيع كل شيء وأي شيء بأي شيء.
لقد كان لقرار خادم الحرمين الشريفين بعد ترؤسه اجتماع مجلس الأمن الوطني المتضمن أن أمن الوطن مسؤولية كل مواطن وواجب على كل مواطن أن يكون درعا حامية لوطنه، وربما أضيف ما سبق وذكرته في مقالاتي السابقة أن أمن الوطن مسؤولية كل مواطن ومقيم على أرض المملكة ينعم بأمنها وخيرها وأن أي تخاذل في ذلك خيانه لهذه الأمانة العظيمة.
لقد أكدت الأحداث الجارية في السابق وهذه الأيام أن اهتزاز الأمن وتغلغل أصحاب المصالح والأهواء الخاصة واستغلالهم للشباب ولضعاف النفوس من خلال دغدغة المشاعر بالأحلام الوردية والقول إن الهدف من هذا الإنفلات الامني تحقيق العدالة حتى لو كانت هذه العدالة تتطلب سفك الدماء وانتهاك الأعراض، فإن الأمر جائز في نظرهم على أساس أن ذلك يخدم المصلحة العليا للأمة التي لا يراها إلا هم كما يقولون، ولعل في تجارب الدول المجاورة ابتداء من أفغانستان ومرور باليمن والعراق ثم سورية وبقية دول الجوار وجوار الجوار، ما يؤكد كذب ادعائهم وأنهم بشكل مباشر أو غير مباشر أدوات يتم توجيهها ضمن استراتيجية دولية تنطلق من خلق ما يسمونه "الفوضى الخلاقة".
إن استشعار حجم الخطر القادم وإعداد العدة له أمر واجب على الجميع، لكن هذا الإعداد، كما أوضحت في مقالات سابقة الصورة التي يجب أن نكون عليها في المملكة العربية السعودية وتوضيح الأدوات التي تساعد على تحقيق ذلك من خلال بناء الوطن من الداخل بتعزيز المبادئ والقيم والاستفادة من الكفاءات السعودية التي تم بناؤها البناء السليم خلال سنوات من التعليم والتدريب والتأهيل والعمل الجاد المخلص ومن الخارج من خلال تحديد مصالحنا وآلية تنفيذها وتحقيق الخير منها دون مجاملة أو مساومة مع أحد، لأن أمن الوطن خط أحمر يجب استيعاب كل المعاني التي يعنيها ذلك، خصوصا مع ما نراه اليوم من أحداث تقشعر لها ومنها الأبدان، ولعل العودة للطرح المستمر لهذا الموضوع وما يحاك ضد المملكة من مؤامرات ومكائد توضح المزيد لما يجب عمله، وكما ذكرت في مقال الأسبوع الماضي "السعودية والتشكيك في الإنجازات" أن هناك تحديات يجب مواجهتها في سبيل بناء الوطن، وفق الله الجهود التي تعمل من أجل وطن سعودي الانتماء وعربي اللسان وإسلامي المعتقد وعالمي الطموح والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي