تحليل لقائمة أكبر 100 شركة سعودية.. الاحتكار والمنافسة
تأتي قائمة أكبر 100 شركة سعودية لهذا العام مليئة بالمعلومات التي تهم المستثمرين على جميع المستويات الصغير منهم قبل الكبير، فهي تقدم معلومات دقيقة عن الفرص التي في السوق مقسمة بحسب القطاعات، حيث تظهر القطاعات الأكثر تركيزا والقطاعات الأقل، والقطاعات التي تواجه منافسة شديدة والقطاعات المحتكرة، كذلك القطاعات التي تمثل فرصا استثمارية واعدة والقطاعات التي بدأ يخبوا بريقها، وفي هذا التحليل مقاربة ومناقشة لمثل هذه المعلومات الثرية التي تقدمها قائمة الاقتصادية لأكبر 100 شركة سعودية.
#2#
في البداية سننظر في القائمة الرئيسة فهناك 100 شركة كبرى، حيث بلغت أصول أصغر شركة في القائمة مبلغ 1.700 مليون، بينما حققت "سابك" ــــ كالعادة ـــــ مرتبة الشركة الأكبر حيث بلغت أصولها 339.341 مليون ريال، أي أن هناك مدى ضخم بين اكبر شركة واصغر شركة بلغ 337.000 مليون ريال تقريبا، وجاءت القيمة الوسيطة لهذا المدى 4,263 مليون ريال أي أن هناك تنوع كبير داخل السوق السعودية من حيث حجم الشركات، معظم هذه الشركات "أكثر من 95 في المائة منها" هي شركات مدرجة بالسوق المالية، ولكن نظرا لأن ترتيب الشركات وتوزيعها في قائمة الاقتصادية لا يعتمد على قيمة الأصول فقط بل بحسب درجة مرجحة تعبر عن أكثر من عامل من بينها رقم الأصول "حجم الشركة" وربحية الشركة "صافي الأرباح"، إضافة إلى الإيرادات وحقوق الملكية، فالدرجة التي تحصل عليها الشركة تمثل جميع هذه العوامل مجتمعة، ولذلك فإنها أكثر قدرة على التعبير عن هيكل السوق السعودية من مجرد رقم الأرباح أو قيمة الأصول.
#3#
وبالعودة للقائمة ونقاطها المرجحة نجد سابك في المقدمة كأكبر شركة سعودية بـ 290.87 نقطة في بينما حصلت اصغر شركة على 3.27 نقاط، وجاءت قيمة الوسيط 10.29 نقاط، وهذا يدل بلا جدل على أن هناك تنوعا ومدى واسعا جدا في السوق بين شركات كبيرة جدا بل عملاقة وشركات أصغر منها بكثير جدا، ومع ذلك تعتبر جميعا من الشركات الـ 100 الكبرى في السوق، وهذا التنوع في حد ذاته يشير إلى الفرص الضخمة التي تتوافر في السوق السعودية، حيث هناك مجال لدخول الشركات واندماجها للوصول إلى تقارب بين احجام الشركات السعودية، لكن هذا النتيجة من الصعب القبول بها دون مناقشة مستفيضة لحالة كل قطاع.
#4#
من أجل هذا النقاش، تم إعادة تحليل القائمة بناء على القطاعات وفقا لتقسيم السوق المالية السعودية وهو التقسيم الذي تبنته قائمة الاقتصادية لأكبر 100 شركة سعودية. فهناك 15 قطاعا في السوق، وقد جاء القطاع البنكي 1108.45 كأكبر القطاعات بناء على مجموع الدرجات للشركات التي في القطاع "بلغ عدد الشركات 12 شركة" وجاءت قيمة البنك الأهلي "204,88" نقطة: أكبر شركة في القطاع وأصغر قيمة هي "22,64" لبنك البلاد. واعتمادا على التحليل المرتكز على قيم الدرجات التي حصل عليها القطاع فإن هذا القطاع يشهد تركيزا كبيرا فيه، فهناك 12 شركة تحتل المراتب من 4 وحتى 29 من بين أكبر 100 شركة سعودية، وهذه الدرجات التي حصل عليها القطاع ككل تشير إلى مدى الربحية والحجم والإيرادات التي يحققها القطاع وأن هناك فرصا كبيرة وضخمة وواعدة للعمل في هذا القطاع وتحتاج إلى مزيد من الاستثمارات لفك التكتل الموجود فيه "هناك ست شركات عملاقة تسيطر على أعمال هذا القطاع"، فالرقم الكبير للدرجات مقارنة بعدد الشركات التي يدل على احتكار القلة الذي يعانيه القطاع ويحتاج إلى مزيد من التسهيلات للمستثمرين، وخلق كيانات كبيرة جديدة نظرا لأن المدى بين أصغر شركة وأكبر شركة في القطاع لم يزل واسعا جدا والتباين بين الشركات يدل على حجم الفرص المتاحة في السوق لولا وجود بعض الممارسات الاحتكارية.
#5#
يأتي قطاع الصناعات البتروكيماوية ثانيا ضمن أكبر القطاعات وفقا لمجموع النقاط التي حصلت عليها الشركات المصنفة ضمن هذا القطاع "742,33 نقطة"، ومرة أخرى يشير الرقم الكبير الذي حصل عليه القطاع على التركيز الذي يعانيه، حيث أن هناك 15 شركة تمتلك أكبر الحصص في السوق ولديها أكبر الموارد، لكن التباين داخل القطاع واسع جدا وواضح أكثر منه في القطاع البنكي، فأكبر شركة في القطاه هي "سابك" (وهى الأكبر على مستوى السوق السعودية ككل) 290.87 نقطة، بينما جاءت أصغر شركة في هذا القطاع "ضمن القائمة" شركة نماء 4.70 نقطة، وهنا وهناك خمس شركات فقط تعد عملاقة، بينما باقي الشركات تصنف كبيرة ضمن السوق، ولذلك فإن السوق يقدم فرصا واسعة للدخول وتقليص الفروق بين الشركات من خلال الاندماجات التي قد تحقق شركات أكبر أو من خلال فك الاحتكارات وتقليص حجم الشركات الكبرى لتقسيمها إلى شركات أقل حجما، وعلى حال فهيكل هذا السوق كسابقة يشير إلى وجود احتكارات يجب التعامل معها وفتح السوق وجعله أكثر تنافسية.
يأتي قطاع الاتصالات ثالثا بـ "349.23 نقطة" وهنا يتضح الفرق بين قطاعي البنوك والبتروكيماويات والقطاعات الأخرى والأصول والإيرادات تتركز تماما في هذين القطاعين، بينما القطاعات قد تعاني قلة الاستثمارات، وهذا يشير أيضا إلى أن الاقتصاد السعودي يرتكز تماما على قطاعي البنوك والبتروكيماويات، وهذا لا جديد فيه طالما الاقتصاد السعودي ككل يعاني الاعتماد على النفط.
#6#
يأتي قطاع الاتصالات بتركيز كبير، حيث تسيطر ثلاث شركات فقط على هذه السوق، والتباين محدود جزئيا بينها، ومن الصعب القول إن هناك ممارسات احتكارية في السوق، لكن التباين بين أصغر وأكبر شركة يشير إلى أن السوق لم تزل قادرة على ضم شركات أكثر، ومع ذلك فإن الطبيعة الخاصة لهذه السوق من حيث حجم الاستثمارات وطول فترات الاسترداد هو الذي يجعل الدخول صعبا لهذه السوق، ولكنها تظل سوقا مفتوحة وقادرة على جذب مزيد من الاستثمارات.
من المنتظر فعلا أن يأتي قطاع الطاقة في المرتبة الرابعة نظرا لأهمية هذا القطاع لجميع القطاعات، ولأن نجاح أعمال القطاعات الأخرى معتمدة عليه تماما، المفاجئ في الأمر أن عدد النقاط التي حصلت عليها شركات هذه القطاع لم تصل إلى عدد نقاط أكبر شركة سعودية "سابك"، حيث حصلت شركات هذا القطاع على 249 نقطة، بينما حصلت "سابك" على 290,87 نقطة، وهذا يدل على أن القطاع لم يزل واعدا جدا وإلى حد كبير، وأن الاستثمار في هذا القطاع لم يزل أقل من بكثير من حجم الاقتصاد السعودي، ولعل تراجع الاستثمارات في هذا القطاع هي التي تمنع الاقتصاد السعودي من التقدم أو الانطلاق والنمو القوى. فالسوق يحتوى على شركتين فقط والتباين بين حجم الشركتين ضخم جدا، فهناك شركة الكهرباء العملاقة "243,45" التي أتت ثانية في ترتيب الشركات السعودية ككل، بينما شركة الغاز بـ "5.65" نقاط، وليس هناك مقاربة بين الشركتين، السوق لم تزل قادرة على استيعاب الكثير من الشركات، ولعل تخفيف القيود عليها وتحريرها يضيف الكثير للاقتصاد السعودي.
#7#
يأتي قطاع الصناعات الغذائية خامسا بـ 147,40 نقطة، حيث إن هناك أكثر من 100 نقطة بينه وبين قطاع الطاقة في المرتبة الرابعة، وهذه فجوة كبيرة، يصب تفسيرها إلا من خلال نظرة شاملة للاقتصاد السعودي المرتكز تماما على الأربعة قطاعات السابقة. لكن من الملاحظ أيضا حجم التباين داخل هذا القطاع فهناك شركتين فقط تقوده وهي شركة صافولا "74.85" نقطة وشركة المراعي "45.95" نقطة، نقف ثالث شركة بعيدا جدا بـ "7.87" نقطة، وفي هذا القطاع ست شركات فقط ضمن أكبر 100 شركة، ومن الواضح أن السوق تعاني تركيزا كبيرا والفرص لم تزل واعدة في السوق ويمكن كسر هذه الاحتكارات، بالاندماج بين الشركات الأقل حجما أو الشركات الأخرى التي لم تدخل ضمن القائمة.
يأتي القطاع العقاري في المرتبة السادسة من بين أكبر وأهم القطاعات في الاقتصاد السعودي بمجموع نقاط للشركات الممثلة له 127.29 نقطة، تسع شركات، وهذا يشير إلى مكانة القطاع العقاري في الاقتصاد السعودي، وبرغم صغر حجم هذه الشركات مقارنة بما بشكات القطاعات الثلاثة السابقة، حيث حققت أكبر شركة في هذا القطاع وهي دار الأركان 42.37 نقطة إلا أن التباين لم يزل واضحا بين شركات هذا القطاع، فالقطاع يظهر مقسما إلى ثلاثة أقسام شركة دار الأركان كأكبر شركة في القطاع ثم ثلاث شركات ذات حجم متقارب ثم أربع شركات، وهذه التركيبة مميزة لهذا القطاع عن غيره من القطاعات، ويصعب تفسيرها، لكن بشكل عام فإن السوق تشير إلى فجوات يمكن ملئها بدخول شركات إضافية للسوق، والسوق بشكل عام لا يظهر فيها تركيز احتكاري.
#8#
في المرتبة السابعة يأتي قطاع شركات الاستثمار المتعدد بـ 121.73 نقطة، وقد استطاع هذا القطاع تحقيق هذه المرتبة بفضل شركة المملكة القابضة 73.87 نقطة، بينما حققت أقرب شركة لها 14 نقطة، وهذا التباين الكبير يشير بوضوح إلى نوعية هذا القطاع وعدم التجانس بين شركاته ويثير سؤالا حول احتمالية وجود ممارسات احتكارية من قبل شركة المملكة القابضة، وإذا كانت الإجابة بلا فإن الفرق الشاسع بين المملكة القابضة والشركات الأخرى يشير إلى أنه لم يزل بالإمكان الاستثمار في هذا القطاع ولم يزل واعدا للنمو.
يأتي قطاع الاستثمار الصناعي ثامنا "100,74" نقطة بقيادة شركة التعدين العربية "معادن" 66,42 نقطة، وهذا القطاع يشبه في هيكله قطاع الاستثمار المتعدد، فهناك شركة كبرى تسيطر على القطاع، وأيضا عدم التجانس بين شركاته، حيث إن أقرب شركة قد حصلت على 7,89 نقطة، ومن الصعب في ظل عدم التجانس القول بوجود ممارسات احتكارية داخل القطاع، ولكن يشير بوضوح إلى ضعف الاستثمارات في هذا القطاع الذي من الصعب الحديث عنه حتى كقطاع واعد، فالقطاع لم يزل بعيدا عن قيادة النشاط الاقتصادي في المملكة، وهو ما يدل بوضوح على أن المملكة لم تزل متأخرة في مشوارها الصناعي، ونحتاج إلى ضخ المزيد من الاستثمارات هنا.
#9#
يأتي قطاع الأسمنت في المرتبة التاسعة "83.22" نقطة قبل قطاع التشييد والبناء الذي جاء في المرتبة العاشرة "82" نقطة، ولعل هذا التقارب بين القطاعين يشير إلى مدى الترابط بينهما كما هو متوقع، لكن اللافت للانتباه في قطاع الأسمنت هو درجة التجانس الكبيرة بين الشركات، حيث حققت اليمامة مرتبة أكبر شركة في القطاع "11.21" نقطة تلتها الشركة السعودية "11.10" نقطة، فالتقارب واضح جدا بين الشركات، لكن من الملاحظ أن القطاع حقق مرتبة متأخرة مقارنة بعدد الشركات التي يضمها "11" شركة، وهذا يدل على أن السوق تحقق تنافسية عالية وتتوزع الموارد بين الشركات بطريقة مناسبة، كما تتوزع الأرباح بطريقة عادلة، من الصعب الحديث عن أن هيكل السوق قادر على استيعاب شركات أكثر. لكنه على كل حال يمثل حالة مثالية لهيكل السوق، وما يمكن الحديث عنه في قطاع الأسمنت ينطبق على قطاع التشييد والبناء، على أن شركة الزامل في هذا القطاع، تظهر تميزا عن غيرها، ولعل هذا يدل على مميزات خاصة بهذه الشركة حتى استطاعت أن تغرد خارج السرب فهي قد حققت بذاتها الترتيب رقم "38" بين الشركات الأكبر في السوق السعودية وتفوقت بذلك حتى على شركات القطاع الأسمنتي.
#10#
يأتي قطاع التجزئة في المرتبة الحادية عشرة بـ "64,60" نقطة أي بفارق 20 نقطة عن أقرب قطاع وهو قطاع التشييد والبناء، ولأنه من المعلوم ضخامة هذا القطاع في السوق السعودية فإن تراجع شركاته في ترتيب الشركات الأكبر يشير إلى المستوى العالي جدا من المنافسة في هذا القطاع، كما يشير إلى توزيع داخل القطاع بين الشركات بحسب الاحجام أيضا، فهناك ثلاث شركات حققت أكثر من عشر نقاط وشركات أقل من خمس نقاط وشركات في المنتصف، لكن بشكل عام فإن حجم هذا القطاع يشبه إلى حد بعيد حجم قطاع التشييد والبناء ولعل هذين القطاعين يتأثران بالعوامل التنافسية نفسها.
يأتي قطاع التأمين في المرتبة الثانية عشرة بـ "40,28" نقطة ولكن بأربع شركات فقط، وهنا بيت القصيد، السوق السعودية تضم عدد كبيرا جدا من شركات التأمين مقارنة بتلك التي ظهرت ضمن أكبر 100 شركة، وهذا يثير تساؤلات حول الهيكل الحقيقي للسوق، وإنه لابد من اندماجات بين شركات التأمين حتى تتمكن من تحقيق نمو كبير يخلق توازنا في السوق مع باقي القطاعات، فمن الصعب قبول أن الشركات السعودية بمخاطرها والاقتصاد السعودي بتنوعه تخدمه أربع شركات يمكن وصفها بالكبيرة، وعلى كل حال فإن هذه المرتبة لشركات التأمين وهي تصنيف قطاعات ماليا مقارنة بمرتبة البنوك السعودية يشير بكل وضوح إلى حاجة هذه القطاعات إلى إصلاح شامل، وخاصة أن من بين هذه الشركات لم تحقق أرباحا سوى شركة واحدة فقط.
يأتي قطاع النقل في المرتبة الثالثة عشرة بـ "24.40" نقطة ثم قطاع الفنادق والسياحة بـ "22.34" نقطة في المرتبة الرابعة عشرة، وهذا إشارة إلى التقارب بين القطاعين، وهي صورة تشبه التقارب بين قطاعي الأسمنت والتشييد والبناء، فنجاح ونمو وحجم قطاع يؤثر حتما في حجم ونجاح ونمو القطاع الآخر، فهناك ترابط بين القطاعين، أضف إلى ذلك أن هيكل القطاعين متقارب أيضا كما أن الفرص في هذين القطاعين لم تزل واعدة وكبيرة سواء لحجم التفاوت بين الشركات أو لحجم الفرص المتاحة في السوق لقلة عدد الشركات.
يأتي قطاع الإعلام والنشر في آخر المراتب بـ (10.68) نقطة، كما أن حجم الشركات متقارب جدا، ونتائجها كذلك وهذا يشير إلى الصعوبات الاستثمارية التي يشهدها هذا القطاع، ومن الصعب القول بوجود فرص كبيرة فيه للنمو.