دعوة ملك لمكافحة الإرهاب

دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في كلمة ضافية وجهها للأمتين العربية والإسلامية، قادة الأمة الإسلامية بضرورة قيامهم بأداء واجبهم تجاه الإرهاب والإرهابيين.
إن دعوة الملك عبد الله ــــ يحفظه الله ــــ لقادة الأمة الإسلامية بمكافحة الإرهاب والإرهابيين، هدفت وكما أشار حفظه الله في كلمته، إلى مكافحة الفكر الضال والتصور الخاطئ لهؤلاء الإرهابيين، الذين أصبحوا يظنون أنهم اشتد عودهم وقويت شوكتهم ولكنهم واهمون، وبالذات أنهم يفعلون أفعالهم المشينة ويقومون بتنفيذ أعمالهم الدنيئة باسم الدين، فيقتلون النفس التي حرم الله قتلها، ويمثلون بها، ويتباهون بنشرها، وكل ذلك باسم الدين، والدين منهم براء، إذ شوهوا بأفعالهم صورة الإسلام بنقائه وصفائه وإنسانيته، وألصقوا به كل أنواع الصفات السيئة بأفعالهم، وطغيانهم، وإجرامهم، فأصبح كل من لا يعرف الإسلام على حقيقته يظن أن ما يصدر من هؤلاء الخونة يعبر عن رسالة نبي الرحمة ـــ صلى الله عليه وسلم ــــ الذي قال عنه تعالى: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".
دون أدنى شك أن دعوة الملك عبد الله لقادة الأمة الإسلامية بمكافحة الإرهاب والإرهابيين، نابعة عن صدق المشاعر والأحاسيس تجاه دين الإسلام العظيم، وبالذات أنها صادرة من أرض السعودية مهبط الوحي ومهد الرسالة المحمدية.
إن مطالبة الملك عبد الله قادة الأمة الإسلامية بالقيام بأداء واجبهم تجاه الدين الإسلامي والحق بمكافحة جميع أشكال الإرهاب وصوره وأنماطه، بما في ذلك الإرهابيون، نابعة بكل تأكيد من حرصه ـــ يحفظه الله ــــ على المحافظة على الصورة المشرقة لديننا الحنيف وإبعاد جميع المحاولات اليائسة والبائسة، التي تحاول وكما أوضح ــــ يحفظه الله ــــ النيل من هذا الدين العظيم واختطاف الإسلام وتقديمه للعالم على أنه دين التطرف، والكراهية، والإرهاب. كما أن كلمة عبد الله ودعوته لقادة الأمة الإسلامية بمكافحة الإرهاب والإرهابيين، تعبر عن حرقة ومرارة واستياء شديد لما يقوم به هؤلاء الإرهابيون من أفعال إجرامية مشينة يَندى لها الجبين، مما جعل الأمة الإسلامية تعيش في حالة من القلق والفزع والخوف من المستقبل، وأصبحت الأمة الإسلامية تمر بمرحلة تاريخية حرجة.
إن دعوة الملك عبد الله لقادة الأمة الإسلامية بمكافحة الإرهاب والإرهابيين، تعكس بكل وضوح وشفافية للقاصي والداني، المرحلة والتجربة المريرة التي مرت بها السعودية قبل أكثر من ثلاث عقود مضت، عندما بدأ الإرهاب يتسلل إلى المملكة، وحينها حاول الإرهابيون عبثاً ويأساً زعزعة أمن المملكة والنيل من استقرارها السياسي والاجتماعي بحجة الدين وإصلاح المجتمع، وذلك بقلب الحق إلى باطل وإشعال نار الفتنة والتسهيل على المغرضين والحاقدين والمتربصين بأمن المملكة بأن يعيثوا في الأرض الفساد. ولكن - ولله الحمد - يقظة أجهزة الأمن السعودية والتوجيه السليم، الحازم والصارم للقيادة في التعامل مع الإرهاب والإرهابيين، وتماسك الشعب السعودي وتلاحمه مع القيادة، أحبط جميع النوايا الشرانية والخطط العدوانية الخبيثة لهؤلاء المجرمين، وأصبحت المملكة اليوم بفضل من الله ــــ عز وجل ــــ الملاذ الأخير والاختيار الأمثل والأفضل لمن ينشد الأمن والأمان ويبحث عن الاستقرار بشتى مناحي الحياة.
إن دعوة الملك عبد الله لقادة الأمة الإسلامية بمكافحة الإرهاب والإرهابيين، عبرت عن ألمه واستيائه الشديدين لما يحدث في الوطن العربي من مآس وظلم وعبث بمقدرات ومكتسبات هذا الوطن، بما في ذلك ما يحدث من قتل وتعذيب وتشريد وتهجير للآمنين في أوطانهم، مما تسبب في حدوث فرقة وشتات في عدد من دول الوطن العربي، وانتهت الأمور إلى انتشار الفتن التي وللأسف الشديد، وكما عبر عنها الملك عبد الله أنها وجدت لها أرضاً خصبة في عالمينا العربي والإسلامي، وسهلت على العابثين بأمن الوطن العربي أن يعيثوا في الأرض إرهاباً وفساداً، وأوغلوا في الباطل، مستشهداً في ذلك - يحفظه الله - بما يحصل في فلسطين من جرائم حرب ضد الإنسانية وفي غيرها من دول الوطن العربي.
إن جهود السعودية الرامية لمكافحة الإرهاب والإرهابيين تخطت حدودها، عندما دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ــــ يحفظه الله ـــ منذ عشر سنوات في مؤتمر الرياض إلى إنشاء "المركز الدولي لمكافحة الإرهاب"، والذي حظي كمقترح آنذاك بتأييد العالم أجمع في حينه، وذلك بهدف التنسيق الأمثل بين الدول، لكنه أصيب ــــ يحفظه الله ــــ بخيبة أمل بعد ذلك بسبب عدم تفاعل المجتمع الدولي بشكل جدي مع هذه الفكرة، الأمر الذي أدى إلى عدم تفعيل المقترح بالشكل الذي كان يعلق عليه الآمال، ونتيجة لذلك أصبحت للإرهاب أشكال مختلفة وأخطرها إرهاب الدول.
وقد حذر الملك عبد الله في كلمته الضافية كل الذين تخاذلوا أو يتخاذلون عن أداء مسؤولياتهم التاريخية ضد الإرهاب من أجل مصالح وقتية أو مخططات مشبوهة، بأنهم سيكونون أول ضحاياه في الغد، وكأنهم بذلك لم يستفيدوا من تجربة الماضي القريب، التي لم يسلم منها أحد.
وقد استقبل العالمان العربي والإسلامي وكذلك العالم الغربي كلمة الملك عبد الله وما تضمنته من توجيهات سديدة بكل ترحاب، وعبرت أكثر من جهات رسمية في عدد من دول العالم عن دعمها ومساندتها لما ورد في الكلمة من حقائق دامغة غير قابلة للشك أو التأويل، وبالذات فيما يتعلق بالصمت الدولي الرهيب تجاه ما يحدث من أحداث دامية في أجزاء مهمة من وطننا العربي، وبالذات ما يحدث في فلسطين من مجازر جماعية ليس لها ما يبررها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي