فلسطين.. وقفة قبل أن تفرقنا (2من 2)

استكمالا لما تم طرحه في الجزء الأول من هذه المقالة حول أهمية الوقفة الجادة مع القضية الفلسطينية قبل أن تفرقنا مواقفنا الإعلامية والفكرية والشخصية منها حسب ما حدث ويحدث من مواقف متناقضة ومتعارضة بين مختلف القيادات العربية والإسلامية من القضية الفلسطينية وتداخل القضية الفلسطينية مع مواقف قياداتها التي تسببت في بعض تلك المواقف العربية والإسلامية والعالمية. ومع أن القضية الفلسطينية هي جزء مهم من ذاكرة العالم بشكل عام والإنسان العربي المسلم بشكل خاص وهو ما أعمل على توثيقه من خلال قراءات متأنية في تاريخ القضية الفلسطينية من خلال تجربة المعايشة لها في كتاب تحت مسمى (القضية الفلسطينية ومعايشة واقعية لفصولها) مع استنباط الدروس المستفادة وهي محاولة لرسم ما عشته كمواطن سعودي عربي مسلم عن القضية الفلسطينية وتوثيق لمراحلها من خلال المعايشة والتوثيق وقراءة الأحداث والمواقف المصاحبة لها من أيام "ادفع ريالا تنقذ فلسطينيا"، ومع أن القضية الفلسطينية مرت بإخفاقات ومحطات خيانة من بعض قيادات العالم بشكل عام وبعض القيادات الفلسطينية والعربية بشكل خاص ومع بعض تلك الخيانات والإخفاقات إلا أن أثرها لم يكن ظاهرا لعموم المسلمين والعرب والفلسطينيين ولم تكن تلك الإخفاقات والخيانات والاختلاف سببا في فرقة الإنسان العربي والمسلم المثقف والإعلامي وعموم الناس.
إن أخطر ما تواجهه القضية الفلسطينية اليوم هو الانقسام الإعلامي الفكري والشخصي العربي الإسلامي المؤثر في عقلية وتصور ونفسية كل إنسان وخصوصا الأجيال الشابة التي تعيش وتتغذى على الطرح والحوار الإعلامي اليوم بمختلف وسائله والذي عمل ويعمل بشكل مباشر وغير مباشر وبقصد ودون قصد على إرباك العقل العربي المسلم الشاب وكذلك بقية العالم نحو عدالة القضية الفلسطينية والتشكيك في حق الشعب الفلسطيني في العودة والاستقرار في وطنه فلسطين وحماية الأماكن الإسلامية وعلى رأسها المسجد الأقصى.
إن الاختلاف والتقاتل الفكري والشخصي بين أبناء العرب والمسلمين وقذف كل فريق للآخر بمختلف التهم والتي تقود إلى إيجاد فجوة فكرية وحضارية خطيرة ستؤثر بشكل سلبي على مستقبل العمل السياسي والاجتماعي الداعم للحق الشرعي لفلسطين وأهلها وسيقزم القضية الفلسطينية ويجعل منها قضية صراع بين دولة وشعبها على أساس أن الدولة إسرائيل والشعب هو الشعب الفلسطيني وهو ما ذكرت جزء منه في مقالة الأسبوع الماضي على أساس أن هذا الاحتلال البغيض إلى جزء من تلك الأرض وكما نعرف جميعا أن القضية الفلسطينية كانت في يوم من الأيام هي قضية الإنسان والمسؤول العربي والمسلم الأولى ثم تحولت مع الوقت ومع بعض التنازلات غير المبررة إلى قضية فلسطينية مرتبة بالقيادات الفلسطينية ثم ها هي تتحول إلى قضية غزة وجعل المقاومة الفلسطينية الشرعية عبارة عن أعمال تخريبية هدفها تدمير وقتل الشعب اليهودي والقادم من الأيام سيوضح لنا النتائج السلبية على القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني وستصبح مواقفنا الداعمة لهذا الحق نوعا من دعم الإرهاب ونصبح مطاردين في مختلف دول العالم لوقوفنا مع القضية وعدالتها.
إن المجتمع العربي المسلم بكل أطيافه المثقفة والإعلامية والفكرية والسياسية والاجتماعية مطالب اليوم باستيعاب هذا الخطر التقزيمي للقضية الفلسطينية والحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني وحماية المقدسات الإسلامية بها وعلى رأسها المسجد الأقصى وهذه المطالبة واليقظة تتطلب تقديم الحلول العملية لإبقائها قضية كل العرب والمسلمين والمنصفين في كل دول ومنظمات العالم والتأكيد على عالمية الحقوق والرسالة.
إن بعض الحلول التي يمكن طرحها هنا لجعل القضية الفلسطينية قضية أممية عادلة مع ما يمكن أن تقدموه من حلول أخرى مساندة للعودة بالقضية الفلسطينية وحقوق شعبها إلى ما كانت عليه وأفضل من ذلك وجعلها في ذهن وضمير كل مواطن سعودي وعربي ومسلم بغض النظر عن مواقفنا الفكرية أو الحزبية وإيصالها مرة أخرى وبشكل أقوى للعالم أجمع من خلال بعض المقترحات ومنها على سبيل المثال:
1. العودة إلى "ريال فلسطين" ذلك الريال الذي جعل كل واحد منا فلسطيني الانتماء والولاء للقضية الفلسطينية وحق شعبها في العودة والاستقرار.
2. استخدام مختلف وسائل التواصل الاجتماعي للتعريف بالقضية الفلسطينية وإيصال صوتها لجميع المحافل الدولية وفي كل المواقع بأسلوب إعلامي ذكي بعيد عن الصخب والصراخ والتهديد ودعم كل الجهود والهاشتاقات الداعمة لذلك وعدم التقليل أو التهاون في أثرها على إحداث التغيير.
3. البعد عن التفرقة والشتات المجتمعي أو مهاجمة بعضنا بعضا لأننا بهذه المواقف نعطي كل حاقد الفرصة لمزيد من التأثير السلبي في القضية الفلسطينية.
4. العمل على المزيد من الضغط المجتمعي المنظم والسلمي على مختلف حكومات وشركات العالم لدعم الحق الفلسطيني وعدم التهاون في ذلك وهو ما سيعزز من قوة مواقف الحكومات العربية والإسلامية أمام العالم.
5. المشاركة في كل الفعاليات والأنشطة الداعمة للقضية الفلسطينية.
6. بث الأمل بقرب وحتمية عودة الحق الفلسطيني والتأكيد على الموقف اليهودي الذي يقول بعدم إمكانية تحقيق الاستقرار اليهودي على أساس أنهم شعب مشرد في العالم.
وهناك الكثير من الحلول التي يمكن تقديمها في هذا السياق والتي تنطلق من النظرة الحضارية المعاصرة، أسأل الله التوفيق للجميع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي