البيبي سيتِر وجليسة الأطفال
13 دولارا ونصف الدولار هو متوسط تكلفة الساعة الواحدة للبيبي سيتر (أو جليسة الأطفال) في أمريكا ويراوح السعر بين 16 دولارا للساعة كحد أقصى في مدينة سان فرانسيسكو وينخفض إلى الحد الأدنى في حدود 11 دولارا للساعة في ولاية ساوث كارولاينا. ويأتي هذا المتوسط بزيادة قدرها 28 في المائة منذ عام 2009 أي منذ نحو خمس سنوات وذلك وفقا لإحصائية نشرها موقع care.com (أكثر من ألف إجابة). أما بالنسبة للجليسة بالدوام الكامل (ثماني ساعات يوميا)، فمتوسط التكلفة هو 550 دولارا في الأسبوع أو 2,200 دولار شهريا. أما بالنسبة للمواصفات المطلوبة من غالب العائلات في أمريكا فهي العمر ما بين 20 إلى 25 عاما ولديها تدريب معتمد في الإسعافات الأولية وأن تكون غير مدخنة ويكون سجلها خاليا من الجرائم. إضافة إلى ذلك فإن الأبوين يبحثان عن الخبرة في التعامل مع الأطفال وليس مجرد فتاة تجالس الطفل في غياب والديه.
بالنسبة للمملكة يراوح الراتب الشهري للعاملة المنزلية بين 250 و 500 دولار في الشهر بيومين إجازة (حسب طلب العاملة وموافقة الأم) وبالنسبة للمواصفات فلا حاجة لسرد التفاصيل لكن من تجربة شخصية فإن مكاتب الاستقدام إما أن تكون صريحة (مثل ما حدث معي) وتعطيك ثلاث مواصفات فقط (الديانة، هل سبق لها العمل في المملكة، السن)، أو مخادعة وتعدك باستقدام عاملة بأفضل المواصفات ثم تخذلك تماما.
بالطبع الوضع مؤسف تماما من حيث مقاييس ومواصفات السيدة التي نختارها لرعاية أطفالنا فقلة الذين يطلبون مربية وجليسة أطفال محترفة والأكثرية تطلب عاملة (قلة من يسميها هكذا وما زال مسمى "شغالة" هو الدارج) يتم استخدامها في جميع الأمور المنزلية (بما فيها الطفل). ومن يخالفني في هذا فهم عادة من الطبقة القادرة على الحد الشهري الأقصى وتستخدم عددا من العاملات في بيتها، وهؤلاء قلة في هذه الأيام بالنسبة لإجمالي تعداد العائلات السعودية. أما بالنسبة لخلفية الجليسة وماضي سجلها فلا يتم التحقق منه مطلقا سوى مصادفة أو بالتحري الدقيق من خلال أقاربها أو معارفها إن وجدوا، ومع الأسف فإن المكاتب المهنية في الجانبين (السعودي وبلد الاستقدام) لا علاقة لها بهذا الموضوع، وكم كانت النتيجة تراجيدية ومؤسفة، والحوادث راوحت بين القتل والسرقة والانتهاك الجنسي (من الطرفين)، وفي أبسط الأحوال تتصف العاملة بصفات نفسية غريبة أو لا خبرة لديها فتتعلم وتتدرب عند الأسرة، وتصرفاتها قد لا تلائم كونها جليسة للأطفال مطلقا.
نعود إلى التكلفة المالية ومقال نشر لي في ("الاقتصادية" عدد 7737 تاريخ 17 ديسمبر 2014) قدرت فيه أن تكلفة تربية الطفل الواحد في السعودية (بناء على أرقام افتراضية من الواقع) منذ الولادة حتى نهاية المرحلة الدراسية الثانوية هي 300 ألف ريال تقريبا ولم تشمل تكلفة الجليسة.
ومع تزايد التحاق السيدات بالعمل وتدرجهن في مناصب ومهام تتطلب ساعات أكثر خارج المنزل فإن الحاجة إلى جليسة الطفل اليوم أكثر من ذي قبل، لذا أطالب بتفعيل مهنة جليسة الطفل للسعوديات. وقبل أن تقابل الفكرة بصخرة "الخصوصية السعودية"، فإن المقصود هو تنظيم مسمى المهنة رسميا وتقنين الأجور (بالساعة) وحمايتها من الإيذاء (يمكن تأسيس خط ساخن مرتبط بالشرطة مباشرة أو وحدة حماية) في حال تعرضها للأذى من أحد أفراد العائلة. هذه مجرد مقترحات وتخضع في النهاية للعرض والطلب في سوق المهنة وخدمات الرعاية المنزلية.