لماذا تخالف القوانين؟

المقصود من العنوان قوانين التنظيم الاقتصادي التي تفرض من قبل وزارة العمل أو وزارة التجارة أو أي دائرة حكومية ذات علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالحركة الاقتصادية بالبلد. البيع والشراء أساس الاقتصاد، فعندما نقول حركة اقتصادية، فإننا نشمل أصغر عملية بيع في أصغر متجر بقالة في المملكة، إلى عمليات بيع النفط والبتروكيماويات، والسياسة النقدية والسياسة الاستثمارية من صناديق استثمار عامة أو صناديق سيادية، فكل هذا اقتصاد.
إننا نعيش في ظل اقتصاد مفتوح على العالم كله، وكل مصدِّر أو مستورد سعودي هو عنصر فاعل في الحركة الاقتصادية العالمية شعر بذلك أم لم يشعر، فنحن ندفع لعمليات الاستيراد إما بالدولار أو باليورو، كما أننا نحصل المبيعات المصدرة للخارج بهاتين العملتين أيضاً، وهما عماد الاقتصاد. بمعنى آخر، نحن نتعامل مع تنظيمات الاقتصاد العالمي وقوانين العرض والطلب والمنافسة العالمية، وهنا تكمن المشكلة التي تمثل حاجزا تنافسيا كبيرا. فعندما يكون هناك مصنع صغير في أمريكا أو أوروبا، فهناك قوانين اقتصادية واضحة يجب الالتزام بها، مثل الحد الأدنى للأجور أو المواصفات والمقاييس أو الضرائب، وقد شرعت هذه القوانين لتنظيم الاقتصاد بشكل عام، ومن هذه الأهداف أيضاً حماية المنافسة بين صغار المنتجين وكبارهم -نسبيا وليس كميا- وهذا سبب من أسباب استقرار المنشآت بأحجامها كافة. فكما تفرض على المنشآت الكبيرة ضرائب تدعم المنشآت الصغيرة عبر قروض وحوافز.
اليوم تعاني المنشآت الصغيرة في المملكة أزمة تنافسية كبيرة بينها وبين منافسيها الكبار من عدة زوايا، ومن هذه الزوايا تكلفة اليد العاملة ونسب التوطين المفروضة عبر تصنيف المنشآت حسب عدد موظفيها. بينما لو سألت أي متخصص في العلوم المالية عن كيفية تصنيف المنشآت الربحية سيقول إن التصنيف الرئيس المعتمد هو حجم مبيعات الشركة وليس عدد العاملين بها، والمحدد الثاني لتصنيف الشركات هو أرباحها السنوية.
اليوم، فرضت وزارة التجارة على جميع المنشآت إيداع قوائمها المالية المدققة في بوابة الوزارة، التي ترتبط بدورها بمصلحة الزكاة والدخل، وهذا هو مفتاح لحل إحدى المعضلات التي تواجه المنشآت الصغيرة. فوزارة التجارة اليوم تستطيع عمل دراسة نسب مقارنة -Ratio Analysis- بين جميع المودعين ومن ثم تصنيفهم بحسب القطاع ومن ثم بحسب الحجم، ثم عمل مقارنة لكل قطاع بأحجامه كافة لمعرفة نقاط الضعف والقوة لأحجام الشركات كافة، ومعرفة كيفية دعم المنشآت الصغيرة بالطرق المناسبة.
اليوم يتحايل كثيرون من أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة على السعودة وقوانين مكتب العمل لأنها لا تستطيع البقاء إذا نفذت هذه القوانين، وهذا ليس لأن أصحاب هذه المنشآت أشرار أو لا يحبون وطنهم، بل لأن قوانين وزارة العمل تصطدم بأبسط قواعد الاقتصاد الحر، فهم يتحايلون على عدم منطقية القوانين لا على مبدأ القانون نفسه، وإذا أردنا التصحيح فلابد أن نبدأ بدراسة هذه القوانين التي يصطدم بها مجموعة كبيرة من الناس قبل عملية التصحيح. الاقتصاد ينظم بالاقتصاد وقوانينه، لا بفرض وجهات النظر التي تصطدم مع روح الحركة الاقتصادية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي