مخطوطة في الشعر النبطي للربيعي

مخطوطة في الشعر النبطي للربيعي
مخطوطة في الشعر النبطي للربيعي
مخطوطة في الشعر النبطي للربيعي
مخطوطة في الشعر النبطي للربيعي

عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد الربيعي (ت 1402هـ) شاعر نبطي مجيد ومكثر، وراوية للشعر النبطي عارف به وبالأخبار والتاريخ النجدي، وناسخ من أهم وأشهر نسّاخ الشعر النبطي وأغزرهم إنتاجاً، ويقدر بعض الباحثين عدد المخطوطات الشعرية التي نسخها بيده بـ 60 مخطوطة، ما بين متوسطة الحجم في مجلد لطيف، وكبيرة الحجم في مجلد ضخم، أو عدة مجلدات. ويذكر ابنه الدكتور عبد العزيز أنه نسخ مئات الدفاتر، بقي بعضها في عنيزة، وأرسل بعضها إلى الرياض والحجاز والأحساء والبحرين والكويت، وأنه بقي في مكتبة والده منها بعد وفاته 30 مخطوطة.
#2#
ولد الربيعي عام 1309هـ في حي الخريزة في مدينة عنيزة، ونشأ فيها في كنف والده، الذي كان صديقاً وراوية للشاعر المشهور محمد العبد الله القاضي (ت 1285هـ)، وتعلّم القراءة والكتابة على يد والده، ثم لازم والده بعد إصابته بالعمى، فكان يأخذ بيده حين يريد الذهاب إلى أصدقائه من الشعراء والرواة، ويجالسهم مع والده ويستمع إلى أحاديثهم والقصص والأشعار التي يروونها، فتعلق عبد الرحمن الربيعي بالشعر والأدب منذ صغره، وجالس أهم شعراء ورواة عنيزة والقصيم من خلال ملازمته لوالده، وحفظ عنهم ودوّن كثيرا من الأخبار والأشعار.
#3#
وبعد وفاة والده وبلوغه سن الرجولة أصبح الربيعي مقصداً لكل مهتم بالشعر النبطي، وكان مجلسه في عنيزة من المجالس الممتعة التي تزخر بكل مفيد من الأحاديث والروايات والأشعار، وقد أثنى عليه وعلى مجلسه الشاعر المبدع سليمان بن ناصر بن شريم (ت 1363هـ) بقوله:

وقل للربيعي ما على الطيب تحيارْ
من طال حبله شرب والناس مظمينْ

يا عابد الرحمن يا حبر الأحبار
بي علةٍ ما له طبيبٍ يداوين

ويمضي فيها إلى أن يقول:
والشك مرفوعٍ عن الكل ومجار
واسلم وسلّم لي على المستفيدين
أهل المجالس والمدارس والأخيار
في ساعةٍ عنهم حسدهم مغيبين

توفي الشاعر الراوية عبد الرحمن الربيعي مساء يوم الثلاثاء من شهر شعبان من عام 1402هـ في لندن حيث كان ذاهباً للعلاج.

###الناسخ:

كان الشاعر الربيعي حسن الخط، وراوية للشعر النبطي، عارفاً به، ممارساً لصنعة النسخ معتنياً بها كثيراً، وهذا ما جعل الكثيرين يقصدونه لينسخ لهم مخطوطات في الشعر النبطي، أو يجمعها لهم. وقد مارس هذه الصنعة منذ شبابه، وقبل أن تتوفر الأقلام، ويصف ابنه الدكتور عبد العزيز في كتابه "صنّاجة عنيزة"، الذي جمعه في سيرة والده، طريقته في صنع الحبر فيقول: "كان يصنع الحبر بنفسه بطريقتين: الأولى بإذابة الزاج وهو حجر أبيض بماء فيستحيل إلى حبر أسود إلا أنه لا يدوم والأخرى تتمثل بخلط شيء من نبات العصفر وقشور الرمان وطحنها ثم مزجها بالماء، وإضافة صدأ الحديد إليها ويوضع المزيج على نار هادئة ثم يضاف الزاج والصمغ لنحصل على حبر أكثر ثباتاً وديمومة ومقاومة للرطوبة والشمس. أما القلم فكان يؤخذ من العصفر ويشق رأسه ويسمى (المشلوخ) ثم يغمس بالحبر ويكتب به، ثم تطور الأمر إلى استخدام البرية وهي ذات مقاسات حسب الطلب، وأخيراً استخدم الوالد أقلام الحبر".

###المخطوطة:

كانت هذه المخطوطة في ملك الأمير عبد العزيز بن أحمد بن محمد السديري (ت 1375هـ)، الذي عمل أميراً للجوف ثم القريات، ثم وزيراً للزراعة، ولا أدري كيف تملّكها، هل أخذها مباشرة من الجامع الربيعي عن طريق الإهداء أو الشراء، أم أن شخصاً اشتراها أو أخذها من الربيعي ثم أهداها أو باعها للسديري، وظلت في ملك الأخير ثم آلت إلى ذريته، حتى أهداها أحدهم إلى ابن عمه الأخ يزيد بن محمد الأحمد السديري، الذي أعارني إياها مشكوراً.
#4#
تقع المخطوطة في 417 صفحة، إضافة إلى أربع صفحات في المقدمة جعلها الناسخ للفهارس، أي أن مجموع صفحاتها 421 صفحة، وكتبت على دفتر بطول 31 سنتمترا وعرض 20 سنتمترا، وكتب الناسخ في كل صفحة منها 19 سطراً تقريباً، وفرغ من نسخها في الثاني من رجب عام 1360هـ، ولم يسمها الربيعي بأي اسم، وتبدأ المخطوطة بمجموعة قصائد للشاعر محمد العبدالله القاضي، ومطلع القصيدة الأولى منها:
بالطيف زارن من عن الوصل ذا له
عامين ما اصبرني على طول فرقاه

وتنتهي بقصيدة للشاعر سرور الشريف، مطلعها:

يا الله يا اللي كل حيٍّ يسالك
يا واحدٍ كلٍّ يخافك ويرجيك

وتحتوي المخطوطة حسب الترتيب من البداية إلى النهاية على قصائد للشعراء: محمد العبد الله القاضي، محمد الصالح القاضي، الشعيبي، وهو من شعراء النبط المتقدمين، عبد الله البراهيم ابن جابر، صالح الحمود الخنيني، عبد العزيز الصالح الغصاص، عبد الله العلي ابن دويرج، عبد الرحمن الربيعي، والشعراء السابقون كلهم من أهل مدينة عنيزة، ما عدا ابن دويرج، الذي يصفه الجامع براعي عنيزة، لأنه عاش فيها مدة من الزمان فنسب إليها.

ثم تورد المخطوطة قصائد للشعراء: عبد الرحيم التميمي مطوع أشيقر، رميزان بن غشام، رشيدان بن غشام، جبر بن سيار، ابن دواس، محسن الهزاني، ابن لعبون، نمر بن عدوان، إبراهيم بن جعيثن، جعيثن اليزيدي، حمود الناصر البدر، تركي بن ماضي، الجليف، هديب بن هديب، مهنا أبو عنقا، مشعان بن هذال، محمد بن مسلم الأحسائي، محمد العوني، عثمان ابن نحيط، فايز بن نحيط، الحبيشي، العريني، محمد بن مناور الظاهري، صالح الفهيد السكيني، حميدان الشويعر، البريمي، سعد البواردي، سليمان بن شريم، جري الجنوبي، جبارة، راجح الشريف، سرور الشريف. وقصيدة راجح الشريف هي الكافية المشهورة التي ذاعت بين الناس، ونسبها البعض للشريف بركات.

وأغلب القصائد الموجودة في المخطوطة معروفة ومنشورة، إلا أنها تشكل رواية جديدة يستطيع الباحث الاعتماد عليها لتصويب لفظة أو بيت من الشعر، إذ إن بعض هذه القصائد منشور في بعض المراجع المطبوعة بشكل غير دقيق.

الأكثر قراءة