الإعلام.. الشريك المؤثر في المستقبل الاقتصادي

يصف الروائي والصحافي العالمي، جابريل جارسيا ماركيز، "أفضل الأخبار" للمشتغلين في مهنة الصحافة بأنها "ليست المعلومات التي يتم الحصول عليها قبل الآخرين، بل غالبا هي الأخبار التي عرضت بأفضل صورة"..
هذا التعريف يبدو اليوم صالحا جدا لاستخدامه كمعيار نوعي في علاقة الإعلام بخطة "التحول الوطني الاقتصادي" التي ستتصدر بلا شك واجهة الحدث لمختلف وسائل الإعلام، بالنظر لأهميتها ومخرجاتها والمأمول منها في إحداث التغيير الاقتصادي للبلاد، وأن المهم كيف ستعرض وسائل الإعلام مفردات الخطة، وبأي طريقة تضمن نفاذ الخطة واستمراريتها في التأثير، ومدى وصولها الأفقي والرأسي للرأي العام.
وخلال الأيام الماضية كان الحوار يجمعني بنخب منتقاة من الإعلاميين لتدور رحى الحديث حول خطة التحول الاقتصادي، وكيف يلعب الإعلام دورا مهما في إنجاح هذه الخطة وتحقيق مفاهيمها الاقتصادية والاجتماعية من باب أن الإعلام معني بتحليل أداء الأجهزة الحكومية والقطاعات الخاصة من ناحية الشفافية والإنتاجية ومواجهة قضايا الفساد وإساءة استخدام المال العام وقضايا الاحتكار وغيرها من القضايا المؤثرة في عجلة التنمية لأي دولة.
كنت أقول لمن تحاورت معهم: أخشى ألا تكون وسائل الإعلام قد هيأت نفسها لهذا التدفق المعلوماتي الكبير من الخطط والبرامج والهيكليات التي تضع السعودية على مشارف عصر جيل من التحول في الممارسات والسلوكيات وتحديد الأطر الموضوعية للرفاه والعيش، ضمن محددات خطة التحول الاقتصادي.
شخصيا، أثق بأن صناع القرار، مهتمون للغاية بدور الإعلام في صناعة الرؤية الاقتصادية القادمة وخاصة أن هذه الرؤية ستلامس كثيرا من القضايا التي كانت ولا تزال محط اهتمام الإعلام المحلي كقضايا توطين الوظائف، وحق المرأة في العمل، والرعاية الصحية والتأمين، وتحسين أداء الأجهزة الخدمية، والترفيه، واستخدامات الطاقة، وغيرها.
واللافت في تلك الحوارات أن شهية الإعلام كما يبدو مفتوحة لالتهام كعكة كبيرة من المعلومات التي ستشكل رافدا نوعيا لدور وتأثير مصادر الأخبار عند الناس في ظل تركيبة مؤسسات الإعلام القائمة على مثلث هرمي، (الحكومة، القطاع الخاص، الجمهور) حيث تلعب الحكومة دورا تشريعيا وتنظيميا إلى حد كبير رغم استقلالية رأس المال للمؤسسات الإعلامية، بينما يلعب القطاع الخاص دور المزود بالوقود عبر الإعلان، فيما يشكل الجمهور بطبيعة الحال فئة المستهلكين، وهو ما يعكس أهمية دور الإعلام في القيام بدور محوري لأي مشروع وطني. وبالتالي الحديث عن إعلام مؤثر انتقل من مرحلة "الإخبار بالشيء" إلى مرحلة "التأثير في الشيء".
إذن فالإعلام هو حجر زاوية مهم سواء في مشاركة صناع القرار لخطة التحول الاقتصادي. في كل مراحل القرار(ورش العمل، الاستشارات، اتباع الوسائل، تمرير المعلومات والبيانات وضمان وصولها للجميع) وكذلك في أن صناعة الإعلام هي أحد الروافد المتاحة لمصادر دخل جديدة، وتأسيس هوية إعلامية تكون حاضنة لهذه الصناعة المهمة في خريطة اقتصادات الدول.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي