المملكة .. والدخول لمفهوم الاقتصاد التعاوني
مشاع المشاع، التداخل والتمازج بين الرأسمالية والاشتراكية، أن تملك كل شيء ولا تمتلك أي شيء. كل هذه التعبيرات تحاول أن تصف هذا النمط الجديد من الأشكال الاقتصادية التعاونية، التي يمكن من خلال الاتصال بالإنترنت وهاتف ذكي، أن تؤجر وتستأجر كل شيء "تقريبا". فمن خدمات المواصلات وسيارات الأجرة، حتى الطائرات، ومن الأطعمة المصنوعة من أشخاص، حتى تأجير المنازل والكتب، بل حتى الملابس.
كل هذا يدور في مثلث (تملك الشيء أو استخدامه حينما تريد ـــ تأجير الشيء أو تقديم الخدمة وقتما تريد ــــ منصة متصلة بالعالم).
وكما أوردته الموسوعة العالمية، الاقتصاد التشاركي (اقتصاد المشاركة أو الاقتصاد التعاوني) هو نظام اقتصادي مستديم يقوم على مشاركة الأصول البشرية والمادية، ويشمل الإبداع والإنتاج والتوزيع والاتجار والاستهلاك التشاركي للبضائع والخدمات بين مختلف الأفراد والمنشآت التجارية، وتأخذ تلك الأنظمة عديدا من الأشكال إلا أنها تعمل في مجملها على تعزيز تقنية المعلومات من أجل تزويد الأفراد والمؤسسات الحكومية وغير الربحية بالمعلومات التي تساعد في توزيع البضائع والخدمات ومشاركتها وإعادة استغلال الطاقات المهدرة والفائضة، وثمة اعتقاد سائد أن مشاركة المعلومات المتعلقة بالبضائع والخدمات، ستزيد من قيمتها على مستوى المؤسسات والأفراد والمجتمع.
ومن هنا ينشأ أحد أهم الطرائق الحديثة التي تعزز مجتمعات المعرفة، تلك القائمة على الاتصال بشبكة الإنترنت، ووجود منصات إلكترونية قائمة على "التوفيق" بين مقدم خدمة أو سلعة وبين محتاج إلى تلك الخدمة والسلعة، ويختلف مدى إدماج هذا المفهوم باختلاف مدى معرفة المجتمع له من ناحية، ومن ناحية أخرى، مدى وجود الاتصال بالإنترنت وكذلك مدى فهم المجتمع لثقافة التعلم، فمثلا تبدأ مبادرات ومنصات تقديم خدمات المواصلات بعملها بشكل كبير جدا في عديد من دول العالم، والخدمة هنا هي مجرد "التوفيق" أو "التجميع" بين أي من تلك المنصات نفسها لا تملك الخدمة أو لا تملك السيارات بمعنى أوضح، ومع ذلك تحقق هذه المنصات الإلكترونية والمبادرات رؤوس أموال ضخمة في نمط الاقتصاد التعاوني الناشئ، الذي يوحي ويؤشر بمفاهيم اقتصادية جديدة، يكون فيها المجتمع هو المستفيد أي بمعنى الفرد لا المؤسسة، إنه بلا شك عصر جديد يبشر بأنماط اقتصادية وتجارية جديدة، ومع تنوع ما يطلبه المجتمع واحتياجاته من خدمات وسلع تزداد بذلك فرص إيجاد منصات قادرة على التوفيق ليس فقط على المستوى المحلى بل على المستوى الدولي وحينها يكون مقدم الخدمة ومستهلكها هو الإنسان في المجتمع الدولي كله، وتزداد المنصة "توفيقا" و"تجميعا" بين المستفيدين ومن هنا تزداد تلك المنصة أرباحا.
ومن هنا يعتبر الجميع رابحا في مثل هذا النمط من الاقتصاديات، التي تعتمد على عاملين مهمين، الأول هو وجود الاتصال بالشبكات الاجتماعية والإنترنت، والثاني، هو النمو السكاني، إذا فمع الزيادة السكانية والزيادة على الطلب والاستهلاك، سيعزز مثل هذه الاقتصاديات أنماطا جديدة للاقتصاد داخل المملكة.
بين أنه لا بد من طرح السؤال حول تنظيم أو لا تنظيم مثل هذا فمع تلك الممارسات التي تستخدم المجتمع نفسه كمقدم للسلع ومستهلك لها، هل يجب وجود تشريعات خاصة لحماية كليهما، وأي تشريعات قادرة أن تتحقق في ظل عمليات إلكترونية، وكذلك من جهة أخرى، أن المنصات التي تسعى إلى التوفيق أو تقديم هذه المبادرات، أي حقوق ملكية فكرية قادرة على حمايتهم مثلا في ظل منافسة قوية من مبادرات دولية مثلا؟ أو هل لا يستوجب وجود مثل هذه التنظيمات لأنها قد تعمل على الاحتكار وتقديم الخدمات في وقت يمكن لأي شاب استحداث برنامج لفكرة في الاقتصاد التعاوني تصل أرباحه إلى مليارات الدولارات. لا شك إذا أن عصر الاقتصاد التعاوني والتشاركي، قادم بقوة إلى المملكة لوجود عاملين من أهم العوامل المؤثرة فيه وهما انتشار واسع لشبكة الإنترنت، وكذلك نسبة وجود عالية من الشباب في المجتمع.
وبالله التوفيق،،،