إصلاح القانون لتأسيس اقتصاد قوي
إن أهم معيار يمكن من خلاله معرفة مستوى اقتصاد ما وتقييمه، هو مدى جودة وقوة قوانين ذلك الاقتصاد، إذ لا يمكن لرجال الاقتصاد أن يحققوا التنمية والنمو الاقتصادي دون أن يترجموا أهدافهم وخططهم الاقتصادية على شكل قوانين ولوائح تنفيذية تتوافق مع تلك الأهداف. كما أن أهم معايير تحديد مستوى المخاطرة التجارية (Risk Assessment) في أي بلد هو النظر لمدى جودة وشفافية قوانين ذلك البلد أولا، ثم مدى الالتزام بتطبيق تلك القوانين ثانيا.
وكثيرا ما يعمد بعض التنفيذيين إلى الارتجال أو انتهاج طريقة القرارات الوقتية، التي كثيرا ما تكون معارضة لأحد الأنظمة أحيانا، أو ربما لقرارات شبيهة سابقة، بينما لو ركز أولئك على إصلاح الأنظمة وتحديثها لتتواكب مع الرؤى الاقتصادية الحديثة لكان أجدى بكثير.
إننا في سبيل تحقيق "رؤية 2030" يجب العمل على تحديث ووضع مزيد من الأنظمة التجارية المتطورة، إذ لا يمكن لنظام المحكمة التجارية الذي زاد عمره عن 84 سنة أن يبقى كل هذه الفترة دون إصدار نظام تجاري حديث، فقد آن له أن يتقاعد، كيف لنظام لا يسمي الدولة حتى باسمها الصحيح أن يبقى دون تحديث حتى الآن، فهو يسمى الدولة تارة بالمملكة الحجازية وتارة يتحدث عن بلاد الجزيرة العربية، كما يسمي مصر العربية بالمملكة المصرية، والسودان والهند بالبريطانيتين، وأكثر من ذلك بأنه لا يعرف الريال السعودي العملة الرسمية للبلاد. نعم هناك عدد من أجزاء النظام تم إلغاؤها، وصدور بعض الأنظمة التي تنسخ أجزاء من النظام، إلا أن نظام المحكمة التجارية لا يزال يعد روح القانون التجاري السعودي حتى الآن.
بنظري إنه يجب إصدار قانون تجارة متكامل، يغطي أكبر قدر من الجوانب، ويتوافق مع حاجيات الزمن، ويماثل في المستوى أحدث القوانين العالمية، ولا يجوز أن يبقى المستثمرون ضحية التخمين والاجتهادات الشخصية بين المحاكم والمسؤولين، فقد آن الأوان ليصبح الاقتصاد السعودي اقتصادا منظما وحديثا وشفافا، في كثير من الأنظمة التجارية الحديثة والمتطورة.
وما زلنا ننتظر نظام الإفلاس وغيره من الأنظمة المهمة، وهناك كثير من الجوانب لا تزال تحتاج إلى تنظيم وتحديث فيما يتعلق بوضع القوانين واللوائح لها.
عندما يتابع المختصون الكم الهائل من القوانين والمعاهدات الدولية التي تتوالى كل فترة، إضافة إلى توالي تعديلات وإصدارات القوانين لدى شركاء المملكة الاقتصاديين، فإن من الضروري مواكبة ذلك بتغييرات وتعديلات في الأنظمة السعودية لتتوافق مع تلك المستجدات وتواكبها، وأحيانا لتواجهها في حال انطوت على مخاطر اقتصادية.