الطمع .. يجعلك «غبيا» جدا
أول المنحنى آدم عليه السلام الذي، وهبه ربه جنة عرضها السماوات والأرض، فيها كل ما يشتهي، وفيها فنون النعيم، ومبالغ اللذة والقطف والجني..! ومنعه من (شجرة واحدة). فنازعته نفسه عليها.. فكان منه العجز عنها، والضعف أمامها! فتم عليه العري بعد الستر، والإبعاد بعد القرب والفقر بعد الغنى، والجوع والظمأ.. بعد طول شبع.. وعذوبة الري غدقا..!
خصلة - أودعها آدم ذريته.. في الجذور النفسية الخصائص والصفات، وذاك الجهل الغالب على حسن التدبير، وحكمة التروي، وتردد المتأمل في العواقب، إذ حضر الطمع في نيل كثير دون عناء وبلا سعي وتعب..!
الطمع يظهر أنه يغير كيمياء العقل فيتخدر، أو يتوقف نهائيا عن العمل!! كيف لمئات أن تصدق (الزئبق الأحمر) في مكينة خياطة عتيقة.. تعالى سعرها إلى ربع مليون ريال..! وحماسة الطلب بلغ حد إراقة الدم في سبيل الاستئثار بها..! غاب صوت العقل، وتلاشى صوت الناصح اليقظ، في ضجة الأطماع المستعرة، وصراخ أهلها.. هو "الغباء" أو شعبة الجنون العارض الذي يوجده الطمع في ضحاياه..! هي معصية آدم الأولى وهي ذاتها السائرة في ذريته حتى قيام الساعة..!
نصف مليار ريال حصدتها - فتاة الوهم - ذات الخامسة والعشرين ربيعا.. من أكثر من ستمائة - رجل - غلاظ شداد..! يفترض أنها ناقصة عقل، هضمت نصف مليار ريال.. من أصحاب العقول الكاملة كما يفترض...! بمعونة الخصلة التي تورث الغباء.. والجنون العارض! من يصدق.. أن (مليار ريال)، بشحمها ودسمها وزيتها النقي.. عصرها إفريقي - شبه أمي، ونصف عار حين دخل المملكة؛ حين دخلها أول مرة وظف - الغباء الشديد - والجشع اللذيذ بخدره وأحلامه الكبيرة الممتدة، وعد ضحاياه بما هو محروم منه طوال عمره، وبما عجز عن توفيره إلى أهله، وبني جلدته، وأقربائه، وأرحامه. هو الوعد بالجنة من المطرود منها، وهو الوعد بالغنى ممن ضرب الفقر عظامه فرقت وضعفت..! وسرعان ما تهاوى العشرات بمئات الملايين في المدينة المنورة، وجدة، وينبع.. لقد وظف أربعة من أبناء جلدته، وكان الموظف المخلص الصادق والمقنع والمؤثر والساحر في الإقناع هو (الطمع) السيد الكبير، الذي يصيب صاحبه بالغباء الشديد، والضعف عن الممانعة... أما كذبة (الوريث الوحيد) الحائر بالثروة المفاجئة التي تبحث عن طيب القلب، وأمين، تستقر في حسابه مقابل نصفها، ما زالت ترسل عشرات من الأطباء، والمتعلمين إلى السجن سنويا.. بعد أن تحاصرهم الديون! الطمع يجعلهم "أغبياء" جدا جدا، أمام إفريقي مؤهله الابتدائية، كيمياء الطمع، جردتهم أمامه من شهاداتهم العلمية، ومن عقولهم، ومن بصيرتهم. وجعلتهم بهيمة بلهاء.. لا ترى شيئا أمام خضرة العشب ولمعان أشعة الشمس المنعكسة منه في عينيها..! رجل الحاويات - جمع 400 مليون ريال من رجال أعمال في الكويت والبحرين والمملكة، قبل أن يذوب، ويختفي خلف جنسية أوروبية غالبا تكون جاهزة، باسم جديد، وديانة جديدة.. يعيش بعدها متنقلا بين قصوره وجواريه على متن طائرته الخاصة.. في الوقت الذي يستفيق فيه الطماعون من خدر الطمع وينحسر عن عقولهم ببطء.. الغباء، والجنون العارض، والسذاجة المبكية، بضحك من حولهم عليهم. كأنه عري آدم أمام الملائكة.. الطمع يتركك عاريا.. تخسر كل شيء.. بما فيه عقلك ورشدك.. وما يسترك بين الناس. ولكن ما أكثر العرايا من شدة الطمع.. وما أقسى الغباء الذي يورثه في ضحاياه هذا غيض من فيض ما نشرته جريدة "الحياة" عن -مليارات الريالات- يحرقها الطمع. يقطفها أفارقة وجهلة وغير متعلمين.. وكلمة السر فيها جميعا هي الطمع ثم الطمع ثم الطمع الذي يجعلك "غبيا" إلى حد الجنون..!