الجمعيات .. ومراكز الفكر
بعد سلسلة مقالاتي عن المدرب السعودي وهمومه واحتياجاته، فوجئت بصديق قديم جديد يهاتفني، صديقي مدرب محترف ومن خيرة المدربين وحاصل على أعلى الشهادات ويعايش هموم التدريب وشجونه منذ أمد. يعمل صديقي على تأسيس جمعية المدربين السعوديين التي طالبت بها دون أن أعلم أن هناك من نشط قبلا لتأسيسها.
تمنى علي الرجل أن أوجه مطالبته إلى وزير العمل والتنمية الاجتماعية للدفع بالجمعية للأمام، وهو أمر مبارك يستحق العناية من قبل كل المسؤولين كما ذكرت في مقالاتي السابقة. الواقع أن الجمعيات الأهلية كما يحب لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية أن تسميها هي من أهم أسس النشاط المجتمعي الذي يستفيد من الكفاءات والمهارات التي يزداد عدد من يحملونها من المواطنين السعوديين.
إن حضور أي تجمع علمي أو اجتماعي يؤكد للمراقب أن مكونات المجتمع ذات الثقافة والمعرفة والمهنية العالية في تزايد وهذا نتيجة حتمية للعمل التعليمي الرائد الذي تبنته المملكة في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي واستمرت في دعمه في مجال الابتعاث، وهو مستمر وستزداد مخرجاته وضوحا وسيطرة مع الحجم الكبير لمرافق التعليم العالي.
كل هؤلاء سيكونون منجما للفكر والمعرفة والإثراء لكل مناحي النشاط المجتمعي، وسيصبحون – بحول الله – رافدا مهما في صناعة القرار الاستراتيجي، لأن هؤلاء هم مخازن الفكر التي تصنع القرارات في مختلف المجالات وتمنح متخذ القرار المرجعية العلمية الوطنية التي تعينه على اتخاذ القرارات الصحيحة في مواجهة مختلف التحديات وهي بارزة اليوم، وستكون أكثر وضوحا في المستقبل القريب.
هنا أجدني أطالب مرة بعد أخرى بالمثابرة في سبيل الدفع بالجمعيات الأهلية، والمراكز الفكرية، وملتقيات الحوار الثقافي والمؤتمرات التي تولد لنا كثيرا من المبادرات في مجالات مهمة للبلاد، هذه الأنشطة التي تعتمد على أبناء الوطن ستكون أقرب للمواطن وأعرف بتطلعاته وإمكاناته، وستجمع كل مكونات المملكة في وحدة جامعة تحمي المكتسبات وتضيف لها.
الجمعيات التي يجب أن تنال مزيدا من العناية والرعاية من الجهات الرسمية، يمكن أن تربط مرة أخرى بالجهات ذات العلاقة بنشاطها. الجمعيات المتعلقة بالطاقة وأبحاثها يمكن أن تتبع لوزارة الطاقة، وتلك المهتمة بالتعليم والتدريب يمكن أن تربط بوزارة التعليم وكذا الحال بالنسبة لمراكز الفكر في المجال العسكري والاستراتيجي والاقتصادي، حيث تتحول الوزارات إلى حاضنات للفكر ومحولات للرأي إلى واقع يستفيد منه الوطن.