بعد 72 ساعة
انشغلت وسائل التواصل الاجتماعي بزيارة وزير الصحة لمستشفى عسير، الذي ظهرت فيه إحدى السيدات وهي توجه الوزير نحو جزء من المستشفى لم يكن مجهزا لزيارته. ثم انطلقت الشائعات عن زيارة مستشفيات أخرى، فأصبح المتابعون في حالة حركة دائبة للتعرف على نتائج الزيارات.
صرح الوزير بعد الزيارة أنه قام بها نتيجة تقارير وصلت إليه عن المستشفى قبل 72 ساعة من الزيارة، وهذا هو المأمول من كل المسؤولين الذين تقع على عواتقهم مصالح المواطن ويتوقع منهم المجتمع الكثير. الوزير الربيعة وهو يأتي محملا بسمعة مميزة بعد عمله في هيئة المدن الصناعية ثم وزارة التجارة، يجب أن يتحمل هذا الضغط بسبب توقعات الجمهور وحساسية الوزارة التي يديرها.
ما يسعد المتابع أن هذه الاستجابة جاءت في وقت قياسي، رغم الالتزامات التي تحد من قدرة المسؤول على الحركة والخروج من مكتبه للتحقق من الوقائع على الأرض. هنا يجب أن نتذكر أن العمل الروتيني الذي يستهلك وقت المسؤول لا بد أن يفقد مركزه الأول ليعطي الفرصة للعمل الميداني، وهذا يعتمد على عناصر عديدة أهمها التفويض. عندما يفوض المسؤول صلاحياته لمن تحته، يعطي نفسه الفرصة للتفاعل مع الأحداث ويسمح لقدراته القيادية بالانطلاق وتحقيق التغيير المنشود.
مهما كان العمل المكتبي مهما، فهو ليس بأهمية العمل الميداني الذي يظهر للمسؤول الحقائق، ويسمح له بالتفاعل ويجعله في مكان الراصد للواقع وليس المتلقي له، من خلال تقارير قد لا تكون على المستوى المطلوب من الشفافية والدقة. لهذا يجب أن يمنح المسؤول ما لا يقل عن ثلث وقته للعمل الميداني والتفاعل مع الجمهور.
يمكن أن نعتبر التواصل في مواقع التواصل الاجتماعي جزءا من العمل الميداني إن كان المسؤول على مستوى عال من القدرة التفاعلية والحرفية في التواصل مع الجمهور، حيث يكون التعامل في هذه المواقع موجبا ومحققا للمهمة التي من أجلها كلف المسؤول بمصالح الناس.
رغم أن كثيرا من الناس يعتقدون أن العمل الميداني في تراجع بسبب توافر المعلومات بشكل سريع من خلال الإنترنت والتطبيقات الحاسوبية التي تنقل الواقع، لكن الحضور والتفاعل الشخصي لا تزال له الأهمية الكبرى في تحقيق رؤية الواقع. فليس من سمع كمن رأى، وإلى بقية المسؤولين دعوة للالتحاق بركب المسؤولين الميدانيين.