كن المتحدث الأخير

سئل الزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا، الحائز على جائزة نوبل للسلام عن سر تألقه كقيادي، فأجاب إجابة عفوية وعميقة معا. قال إنه تعلم من أبيه، زعيم قبيلة سابق، أن يكون آخر المتحدثين. وهذه السمة جعلته يمتاز بخصائص مكنته من انتزاع احترام القاصي والداني، والتربع على عرش أكثر القياديين تأثيرا وإلهاما على مر التاريخ. وهذا الصمت المهيب الذي ارتبط بشخصيته وحديثه القليل الذي يكسبه في النهاية قاده، إضافة إلى تضحياته ونضاله، إلى مواقع الريادة والصدارة التي فشل كثيرون من أقرانه في الوصول إليها.
وسأسرد هنا أسباب ودوافع قد تجعلني وتجعلك أكثر حرصا على أن نكون آخر المتحدثين في الاجتماعات واللقاءات والمناسبات، علما بأن تصبح المتحدث الأخير خيار قد يبدو سهلا هينا لينا، لكنه في الواقع صعب وعسير على كثيرين. فالأغلبية وأنا من بينهم قد نجد صعوبة بالغة في كبح جماح شهوتنا لإبداء رأي وموقف معين مبكرا قبل الآخرين. من الصعب بمكان أن تربط لسانك وتقاوم رغبتك الكلامية، والأسباب هي:
أولا: سيشعر الآخرون بأهميتهم: من يتحدث أخيرا فسيسمع الجميع، وقد يصغي إلى أحاديثهم باهتمام، مما سيسعد المتحدث ويشعره بقيمته عندك، وسيسهم أسلوبك في احترامه وتقديره الكبيرين لك.
ثانيا: بريق الحكمة: إصغاؤك للآخرين سيلبسك رداء الحكمة، وسينظر إليك كشخص عميق، لا تستعجل إبداء الرأي ولا تستسهل كلماتك. حديثك سيكون ذا قيمة. لا تهطل إلا في الوقت المناسب وبتقشف واقتصاد.
ثالثا: يفتح لك نوافذ جديدة: عندما تكون المتحدث الأخير سيفتح لك حديث الآخرين قبلك نوافذ لم تفكر أن تفتحها من قبل. سيعطيك الآخرون مفاتيح قد تكون أضعتها. سيكون حديثك خلاصة لما سبق مع نكهة جديدة ستضيفها وتضفيها.
رابعا: مسك الختام: حينما تتكلم أخيرا ستبقى أطول في الذاكرة. ذاكرتنا قصيرة. وسيرتبط الاجتماع واللقاء عادة بآخر من تكلم وتحدث. ستكون مسك الختام، أفلا تريد أن تكون مسكا؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي