«رؤية المملكة» .. والتنمية المستدامة للعالم
في قمة الأمم المتحدة التي عقدت في عام 2015، اعتمد العالم خطة التنمية المستدامة 2030 مع 17 هدفا، أمل من خلالها أن تضع حدا للفقر ومعالجة مشكلات المناخ كأهم الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها. وعلى الرغم من أن الإعلان الأممي واعتماد القادة هذه الخطة كغير ملزمة للأعضاء بل على أساس أن تتحمل الدول مسؤوليتها، فمن المتوقع أن تواجه مشكلات في التطبيق والتنفيذ الفعلي، وبهذا فإن التنمية الشاملة ستواجه عقبة الفقر ومشكلات المناخ كحجر عثرة أمامها، فلا يزال هناك 1.2 مليار شخص في فقر مدقع. فهناك واحد من كل خمسة أشخاص في المناطق النامية بأقل من 1.25 دولار يوميا، وغالبا ما توجد معدلات الفقر العالية في البلدان التي تعاني النزاعات، وهناك الآلاف ممن تركوا منازلهم طلبا للحماية من جراء هذه النزاعات. فإذا لم تقم الأمم بواجباتها فإن الجهود الرامية إلى حل هذه المشكلة الكبيرة ستذهب هباء، وسيتعين على العالم مواجهة التحولات الكبيرة في الحياة الإنسانية نظرا لصعوبات تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي. ولأن المملكة تسعى دائما إلى الإسهام في كل ما فيه الخير للبشر وهذا نابع أصلا من دستورها القرآن العظيم، ومن التوجيهات النبوية الكثيرة على طول السيرة النبوية، فإن المملكة كانت من أوليات الدول التي سعت إلى تحقيق هذه الرسالة على الأرض منذ نشأتها، ومنذ اللحظات الأولى لتدفق النفط بين أراضيها وهي تعمل بكل جهد على تحسين الحياة على الأرض ولم تستغل هذه الثروة من أجل زيادة النزاعات العسكرية أو وهبتها للتسليح وسباقاته. ورغم تعهد الدول بتقديم الدعم لهذه الخطة العالمية للتنمية المستدامة، فإن المملكة تسجل السبق دائما في هذا، وجاءت "رؤية المملكة 2030" لتربط قارات العالم بعضها بعضا. وإذا كانت التقارير الأممية تؤكد أن الفقر في العالم يرتكز في قارتي إفريقيا وآسيا فإن المملكة وفقا لـ "رؤيتها 2030" ستعمل على ربط قارات العالم ببعضها، ومن ثم تسهم في نقل الثروات بين هذه الأمم، وهو العامل الأساس في قدرة هذه الدول على بناء خطتها المستدامة لتتماشى مع خطط العالم.
لقد أكدت وزارة الاقتصاد والتخطيط، أن المملكة ملتزمة وفق "رؤيتها 2030" بالأخذ في الاعتبار الخطة العالمية للتنمية المستدامة، ومن يقرأ "رؤية المملكة 2030"، يعرف أن المملكة ستصبح المحور العالمي الجديد في بناء تنمية مستدامة عالمية، ومرة أخرى تؤكد الظروف الاقتصادية والسياسية أن المملكة قطب عالمي مهم في هذا العصر. فلقد أكدت خطة التنمية المستدامة العالمية 2030، أنَّ من أهم العوامل التي تساعد في تنفيذها قدرة الدولة على تطوير خططها التنموية لتنسجم وتندمج مع الخطط العالمية. وبما أن المملكة من أهم دول العالم في موقعها الجغرافي وتربط قارات العالم ببعضها، كما أنها لاعب محوري في إمداد العالم بالطاقة، وتريد أن تحافظ على هذا المركز القيادي، فإن خطط العالم لعام 2030 ستكون رهنا لنجاح «رؤية المملكة»، ولهذا فمن المتوقع أن يتابع العالم بشغف إنجازات المملكة في هذه المجال؛ فالنجاح في المملكة يعني نجاح العالم. وليس مستغربا أن تكون للمملكة ورؤيتها كل هذه الأهمية، وهذا مما بناه القادة منذ أيام المؤسس ـــ رحمه الله، واليوم يؤكد سلمان الحزم هذا الدور وهذا المقام الرفيع للمملكة وألا تتخلى المملكة عن واجباتها الدولية، لكن على العالم أن يدرك هذا الدور أيضا، وأن يعمل مع المملكة على نزع فتيل الأزمة من منطقة الشرق الأوسط بالذات، فإن انعكاس نجاح خطط المملكة على العالم سيعتمد على ما سيبذله العالم من مساعدة لحل المشكلات العالقة. وفي ضوء هذا الموقف المهم لـ "رؤية المملكة 2030" وتأثيرها البالغ في تحقيق التوازن العالمي، فإن على الإدارات والوزارات المعنية بتنفيذ «الرؤية» إدارك حجم المسؤوليات والتطلعات.