استراتيجية الاستحواذ والاندماج .. مجرد وسيلة فقط

استراتيجية الاستحواذ والاندماج .. مجرد وسيلة فقط

أظهرت دراسة شملت 162 شركة اتصالات عالمية أنه على الرغم من وجود عدة طرق أمام الشركات لتنمية أعمالها، إلا أن ثلث الشركات فقط تقوم باستخدام جميع وسائل التوسع بشكل فعال، الأمر الذي يسهم في اتساع الفجوة بين نجاح الشركات وفشلها.
ووفقا للدراسة فإن نسبة نجاح الشركات التي تحصل على مواردها بوسائل متنوعة تبلغ 46 في المائة لكي تستمر في أعمالها على مدى خمس سنوات مقارنة بنظيراتها المعتمدة فقط على التحالفات مع أطراف أخرى، فيما تصل النسبة إلى 26 في المائة مقارنة بالشركات المعتمدة على سياسة الاستحواذ والاندماج، و12 في المائة مقارنة بالشركات المعتمدة على تطوير قدراتها بشكل ذاتي.
وفي معرض التعليق على نتائج الدراسة يمكن للشركة أن تلجأ نحو سياسة الاستحواذ في حال عدم إمكانية الحصول على تقنية محددة أو المهارات البشرية الضرورية لأعمالها من خلال قنوات بديلة كالتحالفات والشركات أو المشاريع المشتركة مع أطراف أخرى. وعادة ما تكون عمليات الاستحواذ مرتفعة التكاليف إلى جانب كونها معقدة للغاية وهو ما يشكل عبئا على كاهل الشركات، التي تدير برنامج الاندماج والاستحواذ والاستراتيجية المؤسسية لدى كلية إنسياد، وعلى الرغم من هذه المعطيات، إلا أن الرؤساء التنفيذيين يقعون باستمرار في "فخ" الاستحواذ والاندماج دون أخذ الخيارات الأخرى بعين الاعتبار، وذلك نتيجة عدة عوامل منها ضغوط الإدارات العليا أو بسبب التنافس مع باقي الشركات في السوق على سبيل المثال، يمكن أن يُطلب من رئيس تنفيذي أن يحقق نموا سنويا في حجم أعمال الشركة بنسبة 20 في المائة، لذا فإنه ينظر إلى الاستحواذ كأسرع طريقة لتحقيق ذلك الهدف، وفي بعض الحالات، ينظر المديرون إلى عمليات الاستحواذ التي يقوم بها منافسوهم في القطاع نفسه، فيقررون اللحاق بالموجة واتباع السياسة نفسها خوفا من تراجع مكانة شركاتهم في السوق.
وقد طوّرنا قائمة تتضمن ثلاثة أسئلة يجب على الرؤساء التنفيذيين أن يجيبوا عنها قبل اعتماد أي استراتيجية للتوسع وتنمية أعمال شركاتهم وهي كالتالي:
1 - هل تمتلك الشركة الموارد المطلوبة؟
قد يكون تطوير موارد جديدة بشكل ذاتي أسرع وأكثر فعالية من الاستحواذ على الموارد من خلال أطراف أخرى، إذ عادة لا تدرك الشركات ما لديها من موارد.
2 - هل هناك توافق بين الشركة ومورديها في تحديد القيمة؟
في حال لم ينجح تطوير الموارد بشكل ذاتي، يمكن التوصل إلى اتفاق ترخيص للموارد، لكن يجب أن يتمتع هذا الاتفاق بالشفافية للوصول إلى القيمة العادلة لجميع الأطراف.
3 - ما حدود العمل مع الشريك؟
في حال كانت العلاقة بين الشركة ومورديها معتمدة على أصول استراتيجية مهمة، أو في حال الشراكة في تلبية أهداف الشركة بالكامل، يمكن في هذه الحالة أن يكون الاستحواذ هو الخيار الأفضل.
أظهرت الدراسة الجانب السلبي لسياسة الاستحواذ، حيث فشل ما نسبته 70 في المائة من عمليات الاستحواذ المشمولة في الدراسة، وهو ما يؤكد ضرورة التركيز على أهداف الشركة ووضعها في مقدمة الأولويات. من جانب آخر، يجب موازنة المفارقات الكامنة بين دمج العمليات والمحافظة على نمو الأعمال وذلك لتجنب إشكالية مهمة تتمثل في أن الشركة قد تستحوذ على نظيرتها، لكنها قد تدمر القيمة المتوافرة في تلك الشركة بسبب محاولات الدمج المبالغ فيها.
لقد أسهم انخفاض قيمة أسهم الشركات مصحوبا بالتغيرات المتسارعة التي تشهدها بيئة الأعمال في زيادة عمليات الاستحواذ والاندماج، لكن يجب أن يلتزم الرؤساء التنفيذيون الحذر في مثل هذه الظروف عندما يكون هنا جو من عدم الثقة بالأسواق إلى جانب التغيرات السريعة في قطاع معين، يرتبك المديرون ويتجهون بأنظارهم نحو نظرائهم العاملين في المجال نفسه لكي يحددوا خياراتهم، وعوضا عن تحليل البيانات والمعطيات الخاصة بشركاتهم والقطاعات التي يعملون فيها، فإنهم يتبعون التيار السائد في السوق، وهو ما يحصل حاليا في الأسواق ويؤدي ذلك إلى ما يتعارف على تسميته بتأثير الدومينو، إذ تشكل سياسة الاستحواذ والاندماج مجرد وسيلة وليست غاية بحد ذاتها، أي أنها ليست بديلا يمكن اعتماده في الاستراتيجية المؤسسية، بل هي وسيلة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للشركة.

الأكثر قراءة