الخميس, 10 أَبْريل 2025 | 11 شَوّال 1446


الحوكمة في القطاع المصرفي

فيما تتحول الأزمة المالية إلى أزمة الديون السيادية، عادت الحوكمة في قطاع المصارف إلى دائرة الأضواء. وينبغي طرح السؤال التالي: لمصلحة من يجب أن تعمل مجالس إدارات المصارف؟ ومن ينبغي أن يراقب ما تفعله المصارف؟
قبل عام، أجريت دراسة لحوكمة الشركات في المؤسسات المالية في المملكة المتحدة، وأظهرت أن الدور الأساس لمجالس الإدارات كان رعاية مصالح المساهمين. وفي الآونة الأخيرة اقترح كل من لجنة بازل للرقابة المصرفية واللجنة الأوروبية توسيع دور مجالس الإدارات للنظر في مصالح المودعين وباقي المساهمين.
ويعد ذلك تحولا كبيرا في التركيز، وأنه من الأهمية بمكان عدم الخلط بين هذه القضايا. فالأحداث الأخيرة تبين بوضوح أن مجالس الإدارات في كثير من الحالات لم تكن على علم تام بالمخاطر التي تتخذها المؤسسات التي من المفترض أن تكون تحت الإشراف، ومع ذلك، فإن عديدا من الضمانات القائمة ببساطة لم يطبق من قبل المنظمين، ما يثير تساؤلات حول دورها.
وفيما تخطط حكومات العالم لكيفية درء الأزمة المالية المقبلة، يقدم ديرمين اثنتين من التوصيات الواضحة: ينبغي للحكومات والسلطات المصرفية ضبط قواعد اللعبة وضمان سلامة النظام المصرفي.
وينبغي العمل داخل مجالس إدارات المصارف ضمن هذه القواعد لمصلحة طويلة الأجل للشركة، مع التركيز على المخاطر التي قد تجنيها من الابتكارات.
عندما نعالج هذه القضايا، لا ينبغي أن تكون المناقشة مدفوعة أيديولوجيا. إذ لا ينبغي مقارنة مناصري الرأسمالية مقابل النظام الجديد، يقول ديرمين، "فبدلا من ذلك أرى أن يكون لدينا تحليل حيادي لكل ما هو مفيد بالنسبة للمجتمع".
على الجبهة التنظيمية، فإنه لا بد من مزيد من التركيز على مراقبة مخاطر الائتمان ومخاطر التداول، ويجب مراقبة مخاطر السيولة أيضا، فمعظم الخسائر في القطاع المصرفي تأتي بداية من خسائر الائتمان والخسائر الناتجة عن التداول الأمر الذي يتسبب في حالة من الذعر.
وفي الإطار نفسه، هناك تأكيد على الحاجة إلى مزيد من الاستقلال للمنظمين بسبب الضغوط السياسية. ويلاحظ فشل اختبارات التحمل للمصارف الأوروبية التي أجريت في تموز (يوليو) الماضي بالاعتراف بالمدى الكامل للمخاطر في الإقراض المصرفي على العقارات في بعض البلدان. وقال ديرمين "عندما تقرأ اختبارات التحمل، يمكنك القول هذه لم تكن اختبارات التحمل على الإطلاق. أظهرت قراءة دراسة مجلة "الإيكونوميست"، المبالغة في تقدير قيمة هذه السوق بنسبة 50 في المائة، والفرق هنا كبير، وهذا يبين بوضوح ما يحدث عند المنظمين أو المشرفين على المصارف وهم ليسوا مستقلين عن السلطات العامة".
وفي موازاة ذلك، يجب أن تكون مجالس الإدارات أكثر نشاطا وجدية في الإشراف على أنشطة المؤسسات المالية التي تديرها، وعوضا عن مزيد من الناس من ذوي الخبرة المالية، يقول ديرمين "نحن في حاجة إلى الأفراد الذين لديهم مواقع قوية لمعارضة الرئيس التنفيذي للشركة الذي قد تكون له رؤية على المدى القصير، فمهمة المجلس أن ينظر إلى المصالح طويلة الأجل للشركة".
هذا لا يعني أن على المصارف أن تجنب المخاطر تماما. في عالم متغير، تحتاج الشركات إلى الابتكار، فالابتكارات أوجدت مصادر جديدة للمخاطر، ودور المجلس هو تحديد النتائج المحتملة، سواء كانت إيجابية أو سلبية، واتخاذ القرارات المناسبة.
ونظرا لكون المعلومات الكاملة أمرا أساسيا، ومن الضروري أن تكون مجالس الإدارات على علم بنتائج اختبارات التحمل وتحت أي ظروف تم إجراؤها، وما نوع المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها المصرف، وعندها يستطيعون تحديد وضع المصرف، وعندما يأخذ مجلس الإدارة مصلحة المؤسسة على المدى الطويل فمن الضروري أن يحرص على ضمان استمرار نمو أعمالها في وقت الأزمات الاقتصادية.
هل سيصل القطاع المصرفي في أوروبا إلى مرحلة يستطيع معها أن يضع ضوابط للمخاطر وأطر رقابة كافية؟ الوضع معقد من حقيقة أن مختلف البلدان لديها قوانين إفلاس مختلفة، ومثل هذا القرار في حاجة إلى قرار سياسي حازم من قبل الحكومات: "فقط عندما يكون الدائنون معرضين للخطر سيكون هناك ضغوط كافية للحد من المخاطر في النظام المصرفي". ومن ناحية أخرى، يرى أيضا أسبابا للتفاؤل "أولا، زادت المصارف رؤوس أموالها بكميات كبيرة في العامين الماضيين، لذلك نسب رأس المال هي أعلى بكثير مما كانت عليه قبل الأزمة. وثانيا، في كثير من البلدان، تكون الخدمات المصرفية للأفراد مربحة جدا، ولذلك فإن الربحية المحتملة للمصارف ستكون معتبرة أيضا".

الأكثر قراءة