الاقتصاد اللاهث .. يهدد نظام الملالي

الأعراض والملامح التي بدأت تظهر على الاقتصاد الإيراني توضح أن الفاتورة التي يدفعها نظام الملالي لحماية نظام الأسد في سورية والأنظمة التقليدية البالية في اليمن وفي العراق، فاتورة ضخمة بدأت تثقل كاهل تروس ماكينة الاقتصاد الإيراني، وبدأ الشارع الإيراني يفقد قدرته على الاستمرار في هذا الطريق الوعر إلى ما لا نهاية.
ووفقا لرؤية بول كندي أستاذ العلاقات الدولية في الجامعات الأمريكية فإن الدول تسقط إما بسبب الأزمات الاقتصادية، أو بسبب الحروب، وإيران الملالي تخوض المعضلتين!
وفي ضوء هذا الكلام إذا قرأنا مفردات النشاط الاقتصادي الإيراني لراعنا مدى تأثير فاتورة الحروب التي يخوضها نظام الملالي في موارد الدولة، بل تؤكد الأرقام أن النشاط الاقتصادي في إيران في موقف لا يحسد عليه.
إن إيران ما زالت تخضع لبعض العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب، ويستهدف قسم كبير من العقوبات القطاع المصرفي الإيراني، ورغم توقيع إدارة أوباما اتفاقا مع حكومة الملالي، إلا أن الرئيس المنتخب ترمب وعد بإعادة النظر في كل الاتفاقات التي وقعتها إدارة أوباما مع حكومة الملالي.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن إيران تعد من أكبر المتضررين من تراجع أسعار النفط العالمية لأنها كانت تعاني أصلا آثار العقوبات الغربية منذ نحو أربع سنوات التي أدت إلى عزل النظام المصرفي الإيراني عن العالم ووضعت عقبات كثيرة أمام جميع القطاعات الاقتصادية الإيرانية، بل إن آثار العقوبات امتدت إلى تجارة المواد الإنسانية والأدوية بسبب صعوبة إتمام الصفقات في ظل العقوبات المصرفية وخشية المصارف الدولية من الوقوع تحت طائلة العقوبات الغربية.
إن الريال الإيراني فقد في الأسبوع الماضي 40 في المائة من قيمته، بمعنى أن الريـال الإيراني فقد في أسبوع واحد نحو نصف قيمته تقريبا، وإذا كان السعر الرسمي للدولار وفقا للبنك المركزي الإيراني هو 32000.66 ريـال، فإن هذا الانخفاض كبير جدا للعملة، وهو مؤشر خطير يؤكد أن العملة الإيرانية على أبواب الانهيار.
أخطر النتائج التي ستترتب على تراجع الريـال على هذا النحو هي ارتفاع معدلات التضخم وصعوبة السيطرة على الأسعار، بمعنى أن الاقتصاد الإيراني مقدر له أن يخرج عن سيطرة الحكومة قريبا جدا.
أكثر من هذا فإن نزيف العملة الإيرانية أمام الدولار وبقية العملات الصعبة لم يتوقف، وينتظر أن يزيد نزيف العملة الإيرانية مع ندرة العملات الصعبة في السوق، وأيضا مع التضخم المهول الذي يعانيه الاقتصاد الإيراني.
ويقدر صندوق النقد الدولي سعر برميل النفط الذي تحتاج إليه إيران لتحقق التوازن في الموازنة بنحو 130 دولارا للبرميل في وقت تتحرك فيه الأسعار حاليا حول 50 دولارا للبرميل، والمؤسسات المالية الدولية غير متفائلة باحتمال زيادة أسعار البترول طوال عام 2017.
إن الريـال الإيراني في السوق الإيرانية الآن يسعر بسعرين: سعر حكومي يبلغ ــــ كما أشرنا ـــ 32000.66 ريـال للدولار، وهو الذي يتعامل به البنك المركزي الإيراني ومتاح لاستيراد السلع الأساسية فقط، وسعر آخر أقل بكثير تحدده سوق سوداء تقودها شركات صرافة يشتري منها الإيرانيون احتياجاتهم من العملات الصعبة.
ورغم أن نظام الأسد حقق بعض النجاحات في حلب، إلا أن الحرب الأهلية في سورية لم تنته بعد، والمقاومة السورية تعيد جاهزيتها وتعمل على استعادة عافيتها، بمعنى أن الحرب الأهلية ما زالت تنتظر مزيدا من الجولات، وتحتاج إلى كثير من المال الإيراني.
ونعرف جميعا أن سقوط نظام بشار الأسد يعني ضياع أهم قلاع إيران في العالم العربي، بل نستطيع القول إن ضياع سورية سيترتب عليه ضياع حكومة الملالي، الأكثر من هذا أن سقوط نظام الأسد لا بد أن يترتب عليه سقوط "حزب الله" في لبنان، ولذلك فإن إيران ستفقد في الحرب السورية كل مواقعها خارج إيران، وبالتالي تفقد إيران حلم الدولة الإقليمية الأقوى في منطقة الشرق الأوسط.
وتفيد الأنباء الواردة من إيران اتساع معاناة الإيرانيين بشكل كبير في الأشهر الأخيرة في ظل تراجع العملة وارتفاع الأسعار بسبب المستويات الفلكية للتضخم، ويقول مراقبون "إن تردي الأوضاع الاقتصادية يهدد بانفجار الغضب في أوساط الإيرانيين إذا لم تعثر الحكومة الإيرانية على حلول تخفف المعاناة".
وفي ضوء هذا التردي الذي يعانيه الاقتصاد الإيراني، فإنه من المرجح أن يتسارع هبوط العملة الإيرانية في الأشهر القليلة المقبلة في وقت يتسابق فيه الإيرانيون لبيع الريـال والحصول على عملات أجنبية تحميهم من فقدان مزيد من مدخراتهم.
إن الشعب الإيراني بات يقف في مواجهة حقيقية مع حكومته التي اتبعت سياسات تصادمية مع المجتمع الدولي ومع كل جيرانها.
ولذلك فإن من المتوقع أن يقف الشعب الإيراني في انتخابات الرئاسة 2018 موقفا ضد حكومة حسن روحاني.
ولذلك يتوقع المراقبون أن تكون الانتخابات الرئاسية المقبلة هي الشرارة التي قد تشعل الثورة المضادة، لكنها في هذه المرة ستكون ضد المرشد الأعلى وضد النظام الحاكم، لتعيد إلى الأذهان الثورة التي اشتعلت في وجه الشاه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي