هل نحن شعب يحترم القانون؟

دائما عندما تريد أن تقيم مدى حضارة والتزام شعب ما؛ فإن أول طريق لذلك رصد السلوكيات التي تمارس في الشارع وأماكن الانتظار، ولو أراد أحدهم تقييمنا كشعب من خلال هذه الطريقة فكيف ستكون النتيجة؟
مع الأسف إن شعار الأنانية يكثر في شوارعنا، فلا تكاد ترى ازدحاما إلا وترى تسابق السائقين على المكان الضيق دون أدنى مراعاة لقواعد السير وحقوق الآخرين! أما في الانتظار؛ فترى البعض مع الأسف لا يحترمون الآخرين في الانتظار وكل شخص يسابق على مكان الآخر! لماذا الكثير منا لا يحترم القانون وحقوق الآخرين؟
هذه الظاهرة تحتاج إلى دراسة مستفيضة لجميع الظواهر والأسباب، هل هي مشكلة جينية فينا؟ لا أعتقد ذلك، حيث إن أولئك المخالفين في شوارعنا تراهم منتظمين بشكل كامل فور خروجهم من البلد! أم أن اللوم يذهب للنظام مثلا؟ ولكن هل يمكن تبرير خطأ الشخص بإلقائه على الآخرين؟ لا أعتقد ذلك! هل السبب الحالة الاقتصادية المريحة؟ لا أعتقد ذلك أيضا، فالغِنى لا يمنع صاحبه من عقوبة السجن! إذا ما السبب؟ أعتقد أن من أهم الأسباب لهذه الظاهرة هو ضعف العقوبات والآليات التي من خلالها تُطبق الأنظمة (وهذا مع عدم إغفال حداثة دخول الحضارة والتطور في بلد كان معزولا تاريخيا وجغرافيا لظروف الفقر والبيئة الصعبة فيه)، والقانون أهم ما يغير الثقافات للأفضل، بل يمكنه زرع ثقافات إيجابية جديدة.
إن من أهم القواعد والسنن الإلهية الكونية أن الحياة لا تستقيم إلا بالمرغبات والعقوبات، ولذلك شُرع لنا القصاص والحدود وما إلى ذلك، وهي تؤسس لأنْ يُعاقب البعض (المرتكب لمخالفة) لأجل مصلحة الباقين، وإن كانت تلك العقوبة مؤلمة أو شديدة على من تقع عليه. لننظر إلى بعض الظواهر السلبية التي يعانيها مجتمعنا في هذا الجانب؛ فإذا ارتكب أحدهم مخالفة بالسرعة أو قطع الإشارة عاد ليضع اللوم على المرور وأن المخالفات ظالمة! ويأتي مع الأسف من يبرر ذلك بتأصيل شرعي أو قانوني أيضا! توضع مواقف لمكان معين فيتركها كثيرون ليقفوا بسياراتهم أمام ذلك المكان ليكونوا قريبين حتى لو أغلق الطريق على الآخرين وبكل معاني الأنانية! يقتل القاتل فيجتمع الناس ليدفعوا عنه دية بالملايين وربما طلبوا الزكاة في ذلك! ولو طلبهم آخر قرضا بسيطا لدراسته لما وجد أحدا! عندما يوضع صف للانتظار يقوم البعض ودون أدنى حياء بالتجاوز على الآخرين بكل أنانية! وبهذه المناسبة لا أنسى مشهد الملحقية الثقافية في لندن، ذلك البلد المعروف بالطوابير وشدة الاهتمام بها، حيث بمجرد دخولك مبنى الملحقية تجد المراجعين متكومين حول الاستقبال مثلا، بمشهد غير حضاري ومؤسف ودون مراعاة لحقوق بعضنا بعضا! بينما عندما يخرجون إلى المحل المجاور مباشرة يحترمون الطابور!
الخلاصة أننا يجب أن نتعلم أن القانون لمصلحتنا جميعا وأن احترام القانون احترام لأنفسنا وبلدنا، ويجب أن نضحي في سبيل مصلحة الجماعة ومصلحة البلد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي