«عبيد العوني» .. رجل البيئة الاستثنائي
وسط مئات الأخبار والصور السلبية التي تتناقلها مواقع التواصل الاجتماعي عن التدهور البيئي والعبث المجنون بمواردنا البيئية من عديمي الوعي والضمير اكتشفت بالمصادفة واحدة من أجمل المبادرات التنموية في مجال البيئة لناشط بيئي اسمه "عبيد العوني" من سكان مدينة الرياض، لا أعرف الرجل ولم ألتقه لكن مبادراته الفردية والبسيطة أصبحت حديث الناس ونموذجا ملهما لعشرات الشباب. لو كان لدينا جوائز تمنح للناشطين في مجال البيئة لاستحقها "عبيد العوني" بجدارة. أسس "العوني" "قناة" على "يوتيوب" لمبادراته البيئية وتعزيز الوعي البيئي، ووصل عدد متابعيها لأكثر من 150 ألف متابع خلال بضعة أشهر وتناقلت مواقع التواصل الأخرى كثيرا من أفكاره، ورغم الإحباطات التي تعرض لها "العوني" إلا أنه لم ييأس وظل مدافعا عن الموارد البيئية وحريصا على تنميتها وفق إمكاناته البسيطة.
أول مبادرات "العوني" كانت إنشاء محمية صغيرة بمنطقة "المزاحمية" حاول من خلالها إعادة إطلاق مجموعة من الطيور والحيوانات البرية التي تعاني الصيد الجائر لكنه اكتشف بعد فترة من نجاح التجربة أن أعداء البيئة وصلوا للمكان وقاموا بإبادة كل الطيور والحيوانات التي تعب من أجل إعادتها لموطنها الطبيعي.
عاد "العوني" مرة أخرى لإنشاء محمية منزلية تجمع أصنافا من الطيور والزواحف والحيوانات الأليفة، وبعد نجاح أمانة الرياض في إعادة تأهيل "وادي حنيفة" قرر "العوني" استغلال بيئة الوادي لإطلاق مجموعة من الحيوانات والطيور لتشكل توازنا وتكاملا بيئيا داخل الوادي الذي صارت تجري فيه المياه طوال العام.
كان "العوني" يشتري الحيوانات على حسابه من سوق الطيور بالرياض ويطلقها بنفسه ويظل يتفقدها من وقت لآخر. ومن ضمن المجموعات التي أطلقها الأرانب، البط، الدجاج البري، الحمام، القنافذ، الحجل الرملي، السمان، والضبان.
واختار "العوني" مناطق أخرى غير الوادي بما يتناسب مع الحيونات المختارة. لم تمض على مبادرات "العوني" بضعة أشهر حتى بدأت مجموعات من الشباب المتابعين لقناته بتقليده بمبادرات مماثلة، ووثق عدد من الشباب في الجنوب تجربتهم في إعادة إطلاق مجموعة من حيوانات "الوبر البري" المهدد بالانقراض، وفي تبوك بادر آخرون بإنشاء محمية "للوعول"، وفي المدينة المنورة والطائف والباحة وغيرها كان التفاعل متميزا في مبادرات مماثلة لإطلاق الأرانب، والضبان، والحمام الجبلي، والسمان وغيرها.
ولم يكتف "العوني" بمبادرات إطلاق الطيور والحيوانات لكنه أيضا بادر بإعادة زراعة كثير من الأشجار البرية التي كانت أساسا للغطاء النباتي في المملكة مثل الطلح والسدر والعرعر وغيرها.
لقد سجل "العوني" مبادرة وطنية تستحق التقدير وأسس لمرحلة جديدة من الوعي البيئي بعد سنوات طويلة من التدهور البيئي وسيطرة الجهلة والعابثين.
يستحق هذا الرجل التقدير، ولعل وزارة البيئة تبادر بسن نظام يشجع على التطوع وتنمية المبادرات الخاصة في مجال البيئة وتوثيقها وتكريم أصحابها بجوائز سنوية.