الإجازات الدراسية .. وتحفيز السياحة والترفيه
تتجه الدولة في رؤيتها المعلنة 2030 إلى تعزيز نمو قطاع السياحة والترفيه وتحفيز الاستثمار فيه باعتباره قطاعا واعدا لدعم الناتج المحلي وشكل دخول صندوق الاستثمارات العامة لتأسيس مجموعة من المشاريع العملاقة لحظة فارقة في قيادة التحول الوطني لهذا القطاع، ومن هذه المشاريع "مشروع القدية السياحي" في الرياض باستثمارات تقدر بـ 80 مليارا، "ومشروع البحر الأحمر الترفيهي"، ومشروع "جدة تاون" باستثمارات تقدر بـ 18 مليار ريـال، ومدينة عكاظ السياحية في الطائف، باستثمارات تقدر بثمانية مليارات، إضافة إلى مشروع مدينتي الدرعية والعلا التاريخيتين. كما تتجه الخطة إلى تحفيز الاستثمار في مناطق أخرى جنوب المملكة في فرسان والنماص، وأبها، وشواطئ جازان. وهذا الاستثمار الضخم الواعد في قطاع السياحة والترفيه لا يمكنه النجاح وتحقيق النمو المتوقع في ظل نظام الإجازات الدراسية الحالي الذي اعتمد هذا العام، وعادت معه وزارة التعليم إلى النظام القديم الذي يختزل الإجازات الدراسية في إجازتين فقط إحداهما قصيرة في نهاية الفصل الدراسي الأول والأخرى موسمية طويلة نسبيا. هذا النظام التقليدي الذي عادت إليه وزارة التعليم له كثير من السلبيات أهمها ركود الحركة السياحية وتقلص نموها واختزالها في نشاط موسمي لا يلبي التطلعات. ولو رجعنا إلى السنوات الخمس السابقة التي بدأت منذ 2010 تقريبا وحتى العام الماضي وتوزعت خلالها الإجازات الدراسية على أربع فترات تضمنت إجازتي الصيف والحج وإجازة نهاية الفصل الأول وإجازة منتصف الفصل الثاني كان الأثر فعالا في تنشيط النمو السياحي على حركة السفر والطيران. والحجوزات الفندقية والتسوق وغيرها جزء من حركة الأنشطة المرتبطة بالسياحة والسفر، وهذا ما ظلت تطالب به الهيئة العليا للسياحة لتعديل نظام الإجازات لكن ما حدث هذا العام هو العكس من خلال تقليص الإجازات الدراسية واختصارها على فترتين ليواجه القطاع خطر الركود وتراجع النمو. ولو نظرنا إلى تجارب بعض الدول ذات التجارب السياحية الناجحة نجد أن تأثير نظام الإجازات واضح في ذلك. ففي ماليزيا مثلا: تتم إضافة يوم إلى يومين بشكل متتابع للإجازات الأسبوعية كل شهر تقريبا لتحصل الأسرة الماليزية على نحو أربعة أيام إجازة شهريا. وفي فرنسا وألمانيا وروسيا وبريطانيا يصل عدد الإجازات خلال العام الدراسي إلى سبع إجازات طوال العام تتنوع بين الإجازات الوطنية وأعياد رأس السنة، والأعياد الوطنية والتاريخية، وكلها تمثل تحفيزا رائعا للحركة السياحية بشكل خاص والحركة الاقتصادية بشكل عام، وتتسابق فيها شركات السياحة والطيران لتقديم أفضل العروض التنافسية. وشجع هذا دولا أخرى للاستفادة من التجربة مثل تركيا والصين من خلال إعادة هيكلة الإجازات الدراسية لتكون طوال العام بدلا من السياحة الموسمية ذات العوائد الضعيفة. إن نجاح القطاع السياحي لدينا في تحقيق معدلات النمو المتوقعة يتطلب التخلي عن نظام الإجازات التقليدي والعودة إلى النظام السابق لتكون فيه الإجازات متنوعة وطوال العام.