الضمان الاجتماعي .. فرص التحسين

يعد الضمان الاجتماعي بما مر به من تحولات تراكمية، أهم قاعدة بيانات حاليا للطبقة الاجتماعية الدنيا، حيث تشير الإحصائيات إلى قرابة 800 ألف أسرة مسجلة في إعانات الضمان الاجتماعي من مختلف الشرائح، أيتام، أرامل، مطلقات، مسنين، ذوي إعاقات أو أمراض مزمنة. وهذه الشرائح أصبحت بفضل برامج التقنية محصورة ومعروفة أماكنها ومؤهلاتها وحجم الإعانات المقدمة لها، ما يسهل التعامل مع تصميم أي برامج لها مستقبلا.
وأعتقد شخصيا أن فرص التحسين لتطوير قطاع الضمان الاجتماعي كثيرة ومتعددة في ظل دعم الدولة واهتمامها بهذه الشريحة.
التحدي الذي يواجه منسوبي الضمان الاجتماعي، هو كيفية تحويل الجزء الأكبر من هذه الشرائح إلى مستفيدين مستقلين وقادرين على مساعدة أنفسهم ومستغنين عن المعونات الشهرية التي تقدم حاليا.
في تقديري، أن إيجاد الفرص الوظيفية لمستفيدي الضمان وأبنائهم وبناتهم، من أهم الفرص التي لم تستغل بشكل إيجابي. وقد قرأت الأسبوع الماضي عن توقيع الضمان الاجتماعي مذكرات تفاهم مع معاهد أهلية ومؤسسات تعنى بالتدريب والتأهيل، وهذا جيد، وسبق أن قرأنا مثلها كثيرا، ولكنها لم تكن ذات تأثير يذكر في تقليص أعداد المستفيدين، خاصة في ظل تعدد الجامعات والكليات التي تقوم بدور جيد في تأهيل الشباب والفتيات دون الحاجة إلى مساعدة أحد، ولو تم التعامل مع الأمر بمنهج أكثر شمولا لنجحت التجربة. وكم كنت أتمنى لو كان هناك برنامج وطني يتضمن اتفاقيات مع أبرز الوزارات الحكومية والمؤسسات والمعاهد والكليات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع والحرس الوطني ومعاهد وكليات الأمن العام والشركات الوطنية المتعددة في قطاع الاتصالات والمياه، والكهرباء، والطيران وغيرها، بحيث تخصص نسبة من وظائف هذه الجهات لمنسوبي الضمان الاجتماعي، خاصة أن هذه الجهات معروفة باحتياجها الوظيفي العالي على مدار العام.
أما فرص التحسين الأخرى التي ستشكل نقلة مهمة لمستفيدي الضمان، فهي تتعلق بتوفير المسكن الملائم، خاصة أن 87 في المائة من المستفيدين لا يملكون سكنا، حسب الإحصائيات. وقد قرأت أن وزارة الإسكان مهتمة بتوفير السكن لمستفيدي الضمان، ولكني أعتقد أن الوزارة عاجزة عن تحقيق ذلك في الوقت الحالي، ولا أظن الأمر يحتاج مثلا إلى أن تبني الوزارة عشرات المشاريع وينتظر المستفيدون عشرات السنوات لتنجز، ولو ركزت الوزارة على الاستفادة من خيارات "الشقق الجاهزة" المعروضة للبيع على سبيل المثال، لأمكن حل معضلة السكن، فهناك أكثر من مليون شقة معروضة في المملكة للبيع بأسعار معقولة وضمن مشاريع جيدة يستطيع المستفيد أن يسكنها خلال ساعات إذا تكفلت وزارتا التنمية والإسكان بشرائها من المطورين بسعر منافس.
أما الفرصة الثالثة فتتمثل في توفير العلاج والوصول للخدمات الطبية دون تعقيد ومواعيد، وهذه لا يمكن تحقيقها إلا من خلال برنامج تأمين طبي خاص بهذه الشريحة، ولا أرى الأمر صعبا متى توافرت الإرادة وتم طرح الأمر للمنافسة لتحصل الوزارة على سعر جيد وخدمة منافسة. فهل من مهتم؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي