لا تفاح في مقاصف مدارسنا
يقدر حجم مبيعات المقاصف المدرسية بنحو 1.5 مليار ريال، وأما نسبة التلاميذ الذين يشترون من المقاصف فقد تصل إلى 80 في المائة. لا أحد راض عن واقع التغذية المدرسية، أما عدم الرضا فلم يتحول إلى فعل يؤثر في محتويات المقاصف حتى الآن. وهذا لا يعني أن جهودا لا تبذل، فمثلا نظمت وزارة التعليم أخيرا مؤتمرا للتغذية المدرسية، ألقيت فيه أوراق وجهت انتقادات لواقع التغذية المدرسية. لكن المؤتمرات ــ على الرغم من أهميتها ــ لا تغير الواقع.
هناك من يتصرف وكأن مجتمعنا لا يعاني السمنة الزائدة وقلة الحركة، وتفشي الأطعمة السريعة المشبعة بالسعرات الحرارية نتيجة لثرائها بالكربوهيدرات والأملاح. ويبدو أن الرسالة لم تصل للقائمين على المقاصف المدرسية أن نحو 25 في المائة مصابون بارتفاع ضغط الدم ونسبة مقاربة بالسكري وكذلك الأمر لنسبة استشراء السمنة. والحديث هنا ليس عن تقصير في المؤتمرات وورش العمل واللوائح والتعليمات والتوجيهات، بل إنه رغم كل ذلك فإن واقع المقاصف المدرسية لا يسر أحدا، فجل ما تجد فيها مأكولات ومشروبات ينبغي أن تكون في قائمة الممنوعات، حلويات ومشروبات غازية ورقائق ونشويات وكريمات!
وعلى الرغم من كثرة الجدل حول المقاصف المدرسية، وأن شركة ستقام لتشرف عليها، فيبدو أن ما يهم بالدرجة الأولى هو ما يصل لتلك المقاصف من أطعمة ومشروبات. ولا أفهم لماذا الإصرار على طرق أكل الدهر عليها وشرب؟! ولماذا لا يتم تقنين الأمر بصرامة بألا يسمح بدخول إلا الأطعمة والأشربة الصحية، وليس غير الضارة، بل الصحية والموافق عليها من لجنة تغذية مهنية معتبرة، هي التي تجيز المأكولات المسموح بها، وإلا فقد يكفي أن يشرب التلميذ عبوة ماء، وتؤجل حصة "النفخ والتسمين" إلى أن يعود للمنزل.
ولا ينبغي أن يكون بعيدا عن المطروح أن يتولى مشروع تحسين جودة الحياة، أحد برامج "الرؤية السعودية 2030"، توفير وجبة صحية نموذجية للتلاميذ في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة. إذ يكمن الجدل في أن ذلك يقع في صلب عمل البرنامج ويحقق أهدافه، باعتبار أن تناول طعام صحي، سيحد من زيادة الوزن، وبالتالي من وقوع التلميذ مبكرا ضحية لاعتلالات ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة، بما يوفر على خزانة الدولة عشرات المليارات التي تنفق على الرعاية الصحية. هذا من جهة ومن جهة أخرى سيوفر علينا كمجتمع الدخول في جهد ضائع وهو "النفخ" صغارا ثم "التنفيس" كبارا.