الأبوان في المشهد الأسري
أصبح متكررا جدا مشهد الأم دون الأب وهي في صحبة الأبناء، في الأماكن العامة والمطاعم ومراكز التسوق والألعاب وأمام بوابات المدارس وفي العيادات وحتى في المطارات. الأسرة كيان اجتماعي قائم على دعائم، مهما اختلفت في المهام إلا أنها متساوية في الأهمية وفي قوة الدعم، فغياب الأب المتكرر والمألوف عن كل تلك المشاهد الحيوية للأسرة يعتبر خللا كبيرا في تكوين ذلك الكيان. مهما تحدثنا في مجالسنا عن المقارنة بين ضرورة وجود الأم على وجود الأب في الأسرة، فمعظم الدراسات الحديثة تشير إلى ضرورة كلا الطرفين وبمستوى الحاجة نفسه، والمقصود بالوجود هنا، هو الحضور الحقيقي والفعال، وليس الحضور الشكلي أو المادي أو مجرد القرار في البيت. نعم.. الحياة مشاركة وتشارك في المسؤوليات، لكن أن تنتقل كامل مسؤولية طرف على الآخر وبشكل رسمي ودائم فالنتيجة هنا لا بد أن تكون واضحة جلية على الأبناء وعلى مخرجات تلك الأسرة بالكامل، إضافة إلى الشلل الذي سيصيب حياة المرأة بتوليها ما يفوق مسؤولياتها، خاصة لو كانت تعمل خارج البيت.
تزايد قضايا النفقة أكبر مؤشر على جاهزية الرجل للغياب الكلي اللاإنساني، حتى عن تلبية الاحتياجات الحياتية لفلذات كبده. تعود الأبناء على الحضور الكلي للأم والغياب شبه الكلي للأب إضافة إلى الأثر النفسي فيهم وتعطيل تطور سلوكهم الاجتماعي، فهو يشكل خطرا على مستقبل الأسر التي سيقودها أولئك الأبناء في المستقبل، وبالتالي سيمتد الخطر إلى المجتمع وتركيبة بنائه، قد تختلط الأدوار وتصبح فكرة الأم العزباء يوما هي الأصل، وفكرة خروج الأب بالتعدد أو الانفصال أسهل مما هي عليه، ليخلف ذلك الأب الغائب العديد من العزباوات القائمات بكامل دوره في كل أسرة ينسحب منها.
السؤال هنا: مع التسليم التام لكل شؤون البيت والأسرة والأبناء للمرأة، هل سيستمر المجتمع في وصم نتاج انسحاب الرجل عن دوره ويعيره بـ"تربية حرمة"؟!