قصيدة التبع اليماني عن الملاحم
يعد كتاب قصة الزير سالم من الكتب الشعبية الشهيرة والمنتشرة بين الناس، وقد طبع هذا الكتاب أول مرة في بيروت سنة 1283هـ/ 1866، ثم طبع في القاهرة سنة 1288هـ/ 1871 في 119 صفحة، ثم توالت طبعاته بعد ذلك.
ويتفق العارفون أن هذا الكتاب من نمط الكتب التي وضعها الحكواتية، ولذلك لا يمكن الاعتماد عليه بوصفه أحد المصادر التاريخية الموثوقة التي تسجل تاريخ العرب في الجاهلية، وقصة الزير سالم الحقيقية؛ إذ تختلط في هذا الكتاب الأسماء والأحداث التاريخية بالعجائب والغرائب والتخيلات التي حبكها الحكواتي بشكل رائع، فالقصص التي يحتويها ممتعة ومسلية. وهي مكتوبة بأسلوب مشوب بين الفصحى والعامية، وتحتوي على قصائد وأشعار أقرب للعامية منها للفصحى.
يبدأ الكتاب بالحديث عن الملك اليماني التبع حسان وقصة تملكه على العرب ثم قتله على يد كليب بواسطة حيلة رتبها مع ابنة عمه الجليلة، وأن كليبا أمهل التبع حسان قبل أن يقتله بعض الوقت بناء على طلبه، فنظم التبع قصيدة يتنبأ فيها بالأحداث التي ستقع في السنوات والقرون المقبلة، وهو ما يعرف بشعر الملاحم. ومطلع هذه القصيدة يقول:
يقول التبع الملك اليماني
لهيب النار تشعل في فؤادي
وهي قصيدة طويلة لا تعرف في كتب التراث والأدب العربي، وللقصيدة روايات عديدة تختلف باختلاف رواتها ثم من دونها في المخطوطات. ولا شك لدي أن القصيدة وضعت في القرون المتأخرة، وربما تعاقب على نظمها أكثر من شاعر وحكواتي.
عثرت على مخطوطة لهذه القصيدة محفوظة في مكتبة جامعة الملك سعود، ولفت نظري أن فيها أبياتا تتشابه مع أبيات ينسبها بعض الرواة لشخص يسمونه ابن عقب الكاهن، يتنبأ فيها بأحداث الجزيرة العربية المتأخرة. ومن الواضح أن من نحل وصنع القصيدة المنسوبة لابن عقب قد تأثر بالقصيدة المنسوبة للتبع حسان.