أسعار البنزين .. الطلب والنقل والضريبة
تختلف المراجعة الدورية لأسعار البنزين من دولة إلى أخرى، فمنها ما يتم بصورة يومية، ومنها ما يتم بصورة أسبوعية أو شهرية.
في السعودية، أصبحت المراجعة الدورية لأسعار البنزين شهرية وليست كل ثلاثة أشهر كما كانت في السابق، وارتبطت بسعر تصديره إلى الأسواق الخارجية بشكل تام. هناك عوامل متعددة تؤثر في أسعار البنزين، والجدير بالتنويه أن أسعار النفط ليست العامل الوحيد لتغير أسعار البنزين، بل إن هناك عديدا من العوامل، لكنها أقل تأثيرا. من أهم هذه العوامل الطلب على البنزين كمنتج، وكذلك تكاليف النقل وهوامش ربح المصافي، إضافة إلى معدل الضريبة. المراجعة الدورية لأسعار البنزين التي أعلنتها "أرامكو السعودية" لأيار (مايو) تراجعت معها أسعار البنزين بمقدار 50 في المائة تقريبا، ومن أهم العوامل التي أدت إلى هذا الانخفاض، تراجع أسعار النفط بشكل حاد منذ مطلع عام 2020 حتى تاريخ إعلان المراجعة الدورية لأيار (مايو)، وتحديدا في اليوم العاشر منه، وهو تاريخ الإعلان شهريا. حيث تراجعت أسعار النفط في تلك الفترة بأكثر من 60 في المائة، وهي نسبة مرتفعة جدا بلا شك. إضافة إلى انخفاض الطلب العالمي على البنزين نحو 30 في المائة ووفرة المعروض بسبب جائحة كورونا التي أثرت بحدة في النشاطين الاقتصادي والاجتماعي في العالم بأسره.
ولله الحمد، بدأ النشاط الاقتصادي العالمي يتحسن تدريجيا بشكل ملحوظ في الصين وأمريكا، وغيرها من دول العالم، وإن كانت عودة حذرة إلا أنها انعكست على كمية الطلب على النفط ومشتقاته ما انعكس على أسعاره. وقت كتابة هذا المقال بلغ سعر برميل خام برنت نحو 42 دولارا للبرميل، بنسبة ارتفاع تقارب 165 في المائة منذ منتصف نيسان (أبريل) السابق، ووصل سعر الخام الأمريكي إلى حدود 39 دولارا للبرميل، أي بزيادة تجاوزت 293 في المائة في الفترة ذاتها، وهو ارتفاع تاريخي بلا شك. هناك سؤال قد يتبادر إلى ذهن كثيرين قبيل الإعلان الرسمي في 10 حزيران (يونيو) عن المراجعة الدورية لأسعار الوقود لأيار (مايو)، هل سترتفع أسعار البنزين في السعودية؟ الحقيقة ليس لدي معلومة إن كان هناك ارتفاع من عدمه، لكن سأحاول استشراف وقراءة الأرقام من وجهة نظر شخصية قابلة للصواب والخطأ. بالعودة إلى أسعار النفط "برنت على سبيل المثال" من العاشر من نيسان (أبريل) إلى التاسع من أيار (مايو)، وهي فترة المراجعة الدورية السابقة لأسعار البنزين في السعودية، بلغ معدل سعر البرميل لتلك الفترة 25.8 دولار، وبلغ معدل سعر البرميل من العاشر من أيار (مايو) إلى تاريخ كتابة هذا المقال في السادس من حزيران (يونيو)، بلغ 35.28 دولار. هذا يعني أن نسبة ارتفاع سعر البرميل بين الفترتين نحو 36.7 في المائة، وعليه أتوقع بعد معرفتنا بأن أسعار النفط هي العامل الأهم في تحديد أسعار البنزين، أن هناك ارتفاعا في أسعار البنزين يراوح بين 30 و35 في المائة، حيث يصبح لتر بنزين 91 "0.87 – 0.9" ريال سعودي، ولتر بنزين 95 "1.06 - 1.1" ريال سعودي، والله أعلم.
في اعتقادي أن ارتفاع أسعار البنزين في ظل هذه الجائحة مؤشر إيجابي لتحسن الاقتصاد لدينا، ويعني ضمنيا ارتفاع أسعار النفط، وبالتالي الإيرادات الحكومية، مع استمرار تخفيف آثار ارتفاع سعر البنزين على المواطنين ذوي الدخل المحدود عن طريق حساب المواطن، والمبادرات الحكومية الأخرى التي تخدم الهدف ذاته.