عضوية مجالس الإدارات .. عبء يتطلب الإنتاج
تمثل مجالس الإدارات للشركات المساهمة العامة والمساهمة المغلقة عصبا ضروريا لقيادة الإستراتيجية العامة لهذه الشركات والإسهام في توجيه دفة القيادة عبر الخطوط العريضة التي يراقبها المجلس من الإستراتيجية، ليستكمل الرئيس التنفيذي وبقية الطاقم من التنفيذيين والإداريين تسيير الأعمال لها بما يوصلها إلى الغاية الأساسية هي ما تمثله الأهداف النهائية لتلك الشركات من تنمية الأرباح، الإيرادات، تنفيذ خطط التوسع، التحكم بالتكاليف، تنمية الكادر البشري وموارده وصولا إلى تعظيم ثروات حملة الأسهم لهذه الكيانات إن كان من خلال تعظيم قيمتها أو تعظيم ما يحصل عليه المساهمون من توزيعات نقدية دورية من الأرباح التي تحققها تلك المنشآت الاقتصادية، هذا في شأن الكيانات الاقتصادية أما الكيانات الاعتبارية التنموية وغير الربحية فإن أهدافها الإستراتيجية تبتعد عن الدور المالي البحت ويميل بشكل أساسي إلى تعظيم الأثر التنموي لها.
على الرغم من ضرورة الدور الذي يؤديه مجلس الإدارة في إيجاد الخطوط العريضة للإستراتيجية والتأكد من أن السفينة تبحر بالطريق الصحيح نحو تحقيق أهدافها فإن عضوية المجالس في بعض صورها وخصوصا في الشركات التجارية لا تتسم بالكفاءة العالية المطلوبة لمثل هذه المقاعد الإستراتيجية المهمة لارتباط هذه المقاعد بحقوق التصويت التي تعكسها الحصص المملوكة لمساهمي تلك الشركات على خلاف الكيانات الاعتبارية غير الربحية والتنموية التي يتولى تعيين مجالسها القيادات الحكومية والجهات التي تتبع لها تنظيميا وتشريعيا تلك الكيانات.
لأن عضوية مجالس الإدارات تتأثر بالحصص التي يملكها مساهمو الشركات فإن هذه المقاعد لا تتسم بالاستقلالية المطلقة التي تمت معالجتها بشكل محدود عبر تحديد عدد الدورات الأقصى الذي يستطيع الفرد التمتع بها بعضوية كيان واحد ومن ثم بإضافة عضويات تتسم بالاستقلالية إلى مجالس الإدارات ليتم ضمان أكبر قدر من التمثيل للمساهمين ذوي الحصص الأقل. إضافة إلى مجموعة واسعة من التشريعات سنها المشرع لضمان الاستقلالية وعدالة الأصوات بين مساهمي هذه الكيانات، كان لهذه التشريعات أثرها في قرارات متعددة أخذها المساهمون في الشركات وخصوصا المدرجة بالتصويت بالعزل والمحاسبة أو إعادة الانتخاب والمساءلة للأعضاء عبر سلسة واسعة من الإعلانات التي قرأناها في السنوات الماضية عن الشركات المدرجة سواء من مستثمرين مؤثرين أو من مساهمين يمتلكون حصصا متفرقة لشركة مدرجة واحدة لا تتسع المساحة لذكر تفاصيلها هنا.
وسط هذه السلسلة الواسعة من وقوف حاملي الأسهم ند لند لأعضاء مجلس إدارات الشركات التي يحملون أسهمها أصبح لزاما زيادة المعرفة حول سبل تقييم أداء مجالس الإدارات على وجه العموم وتقييم ذات الأعضاء بأثرهم ومساهمتهم في تقويم الدور الإستراتيجي للإدارة التنفيذية وسيرها نحو تحقيق الأهداف على وجه العموم. فمن المعايير المتبعة لتقييم أداء مجالس الإدارات النظر بمدى الالتزام بالحوكمة والالتزام لمعايير الإفصاح والشفافية، تشكيل اللجان ودورها الذي تؤديه في تقييم الأداء الكلي للمنظومة كل لجنة بحسب تخصصها، كذلك طبيعة وطريقة إدارة العلاقة بين مجلس الإدارة والمساهمين من حيث التواصل، الرسائل والتقارير المقدمة لهم. أيضا التأكد من ملائمة الخبرات والمعارف التي يمتلكها الأعضاء بالأنشطة التي تتخصص بها تلك الكيانات، إقامة مؤشرات أداء خاصة بالمجلس وأعضائه يستطيع من خلالها المساهم العادي تقييم خطوات المجلس.
إن التحديث الدوري للنظام الذي يقوم به المشرع يعزز من تمكين الرقابة والإشراف على مجالس الإدارات وكذلك المساءلة والمتابعة بشكل أسهم في تحويل هذا المقعد من مقعد شرفي ذي مكانة اجتماعية إلى مقعد منتج وينتظر منه تطبيق ما يعد فيه وهذا يحسب للتطوير المستمر في الأنظمة. ويبقى الدور الأهم للمساهم والمستفيد.