اقتصاد القشريات
يخصص سكان بعض الدول العربية يوما أو يومين في الأسبوع لتناول المأكولات البحرية، إذ تعد من أشهى الأطباق وأغلاها على مستوى العالم، نظرا إلى ندرة بعض أنواعها وارتباطها بمواسم الصيد والتكاثر، لكن قيمتها الغذائية تشفع لها، إذ تعد المصدر الرئيس للبروتين عالي الجودة الذي يشكل 14 - 16 في المائة من البروتين الحيواني المستهلك على مستوى العالم. هناك أكثر من مليار شخص يعتمد على المأكولات البحرية كمصدر أساس للبروتين الحيواني. خصوصا في اليابان والبرتغال وآيسلندا.
بعد وجبة فاخرة من المأكولات البحرية، تجد أن كمية من المخلفات تراكمت على السفرة، تسارع إلى جمعها ورميها في أقرب حاوية نفايات، لتكون طعاما للقطط والكلاب الضالة، ولا تعلم أن هذه المخلفات ثروة، وقد تشكل نافذة اقتصادية مستقبلية للاستفادة من مخلفاتها التي يراوح حجمها بين ستة وثمانية ملايين طن سنويا، ناتج عن ما يتناوله العالم من سرطان البحر والجمبري وجراد البحر والحلزونات. منها مليون ونصف طن في جنوب شرق آسيا وحدها، تحتوي قشور المأكولات البحرية على ثلاثة عناصر كيماوية مفيدة، تلعب دورا كبيرا في الصناعات الكيماوية والدوائية التي ستشكل مستقبلا وفتحا جديدا وانتصارا للاستدامة بالتكرير الحيوي لهياكل القشريات.
فهي تحتوي على البروتين بنسبة تراوح بين 20 و40 في المائة، الذي يستخدم علفا للحيوانات وسمادا للتربة، وكربونات الكالسيوم بنسبة بين 20 و50 في المائة، وتستخدم في صناعة الأدوية والزراعة وصناعة الورق والأصباغ والمطاط والبلاستيك، ومركب الكيتين بنسبة تتفاوت ما بين 15 و40 قي المائة، ويتميز بأنه غني بالنيتروجين ويستخدم هو والكيتوسان أو شيتوسان المشتق منه في منتجات التجميل والمنسوجات ومعالجة المياه والطب الحيوي ويصل سعر الكيلو جرام من مركب الكيتين عالي الجودة إلى 200 دولار، على الرغم من أن المواد الأولية رخيصة.
ومع قلة العائد المادي من استخدام قشور وهياكل المأكولات البحرية حاليا، كعلف للحيوانات وطعم للأسماك وسماد مقارنة بالمخلفات والبقايا الزراعية مثل، حطب الذرة وقش القمح، إلا أن التوصل إلى طرق حديثة ودقيقة لفصل المكونات الثلاثة للقشور، سيفتح مجالا واسعا لصناعات كيماوية ودوائية وحيوية واعدة. فمثلا يعد مسحوق كربونات الكالسيوم المستخرج من القشريات أفضل للاستهلاك البشري في أقراص الدواء من المستخرج من الصخور، نظرا إلى إمكانية تلوثه بالمعادن الثقيلة التي يصعب التخلص منها.
لنسعَ إلى فتح المجال لمراكز أبحاث ومبادرات ومصانع لتكرير المخلفات القشرية المربحة والصديقة للبيئة، ونبدأ بفرض تشريعات صارمة لطرق التخلص من مخلفات القشريات وحوافز للشركات التي تستخدمها، ونشجع على مشاريع الاستدامة.