تأمين مستقبل أكثر للصمود في البيئات الهشة «1من 2»
خلال الأعوام القليلة الماضية، ازدادت أوضاع الهشاشة والصراع زيادة مطردة على مستوى العالم، وتعد الدول المتأثرة بهذه الأوضاع - بشكل خاص - الأكثر تضررا من الفقر، والآن من جائحة فيروس كورونا. وأشارت تقديراتنا في وقت سابق من هذا العام، إلى أنه بحلول عام 2030 سيعيش ما يصل إلى ثلثي فقراء العالم المدقعين في دول متأثرة بأوضاع الهشاشة والصراع والعنف، ومن المرجح أن تؤدي الجائحة إلى تفاقم هذا الوضع. ولن تتحقق أهداف التنمية المستدامة في هذه البيئات الهشة، حيث يتمثل التحدي في تأمين السلام وفرصة التنمية الشاملة والمستدامة. وفي الوقت نفسه، فإننا ندعو المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بدوره في ترسيخ السلام، وأيضا في تقديم المساعدة الإنمائية. هذا هو بالضبط ما تقوم به المؤسسة الدولية للتنمية - صندوق البنك الدولي لمساعدة الدول الأشد فقرا.
وفي إطار العملية الـ 18 لتجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية، التي انتهت في حزيران (يونيو)، قمنا بزيادة مساندتنا بأكثر من الضعف في الأوضاع الهشة والمتأثرة بالصراعات على مدى ثلاثة أعوام، وذلك من 10.2 إلى 23 مليار دولار. وبفضل ذلك حصل أكثر من 38 مليون شخص على الخدمات الصحية الأساسية، وتم تطعيم أكثر من 15 مليون طفل، واستفاد أكثر من 17 مليون شخص من برامج شبكات الأمان الاجتماعي.
ويمثل هذا تقدما كبيرا لكن من الضروري بذل جهود أكثر بكثير. ومنها المساعدة على معالجة آثار تفشي فيروس كورونا، حيث يساورني قلق بالغ بشأن جوانب الضعف الصحية والاقتصادية والاجتماعية القائمة التي كشفتها جائحة فيروس كورونا وأدت إلى تفاقمها، وكيف شكلت الجائحة في الوقت نفسه خطرا على حياة الناس وسبل كسب العيش في بعض أكثر البيئات هشاشة. وتشهد الدول المتأثرة بأوضاع الهشاشة والصراع والعنف حاليا أسوأ حالة ركود تشهدها على الإطلاق، ما أدى بدوره إلى سقوط ما بين 18 و27 مليون شخص آخرين في براثن الفقر المدقع. ومن المتوقع أن تنخفض تحويلات المغتربين والمهاجرين واللاجئين عبر الحدود بنسبة 20 في المائة في المتوسط هذا العام. علما أن قيمة التحويلات المالية تجاوزت قيمة المعونات الدولية للدول المتأثرة بأوضاع الهشاشة والصراع والعنف عام 2019، ومثلت شريان حياة رئيسا لعديد من المجتمعات الأكثر فقرا في هذه البيئات.
وفي نهاية آب (أغسطس)، وصل الدعم المتصل بمواجهة فيروس كورونا الذي قدمناه من خلال المؤسسة الدولية للتنمية، إلى 28 بلدا من هذه الدول المتأثرة بأوضاع الهشاشة والصراع والعنف، ما ساعد على تدعيم شبكات الأمان الاجتماعي لمساندة الفئات الأكثر احتياجا. وتساعد هذه الاستثمارات على معالجة أسباب الهشاشة، وفي الوقت ذاته تتصدى بشكل مباشر للجائحة، وتدعم النظم الصحية في الدول لإرساء الأسس اللازمة من أجل تعاف أكثر قدرة على الصمود، وذلك من هايتي وأفغانستان إلى بوركينا فاسو وبابوا غينيا الجديدة.
وحول الاستفادة من قوة الشراكات من خلال استجابتها لمواجهة فيروس كورونا وما وراءه، تعمل مجموعة البنك الدولي مع طائفة متنوعة وواسعة النطاق من الشركاء للاستفادة من مزاياها النسبية وزيادة تأثيرها إلى أقصى درجة. ففي منطقة الساحل، على سبيل المثال، قدمنا نحو ستة مليارات دولار، ودخلنا في شراكات مع العناصر الفاعلة في مجالات الشؤون الإنسانية والسلم والأمن ولا سيما مجموعة دول الساحل الخمس، وتحالف الساحل لدعم السلام والاستقرار في المنطقة. وتركز هذا الدعم الإنمائي على توفير الخدمات الحيوية وتدعيم المؤسسات. واستجابة لتزايد انعدام الأمن الغذائي في الصومال عام 2017، دخلنا في شراكة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الأغذية والزراعة "الفاو" من خلال برنامج بقيمة 50 مليون دولار أدى إلى تحسين فرص الحصول على الغذاء لما يبلغ 767 ألف صومالي وساعد على تجنب المجاعة.
كما أدت العملية الـ 18 لتجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية إلى إحداث تغييرات في حياة اللاجئين والمجتمعات المحلية التي تستضيفهم، حيث بلغت استثماراتها 1.85 مليار دولار لمساندة 35 عملية في 14 بلدا. وفي الكاميرون وتشاد والنيجر والكونغو وأوغندا نعمل على تقوية الأنظمة الوطنية لتوفير خدمات، مثل: الصحة والتعليم وشبكات الأمان الاجتماعي وإمدادات مياه الشرب والصرف الصحي... يتبع.