جبت لك «صوغة»

مقطع مؤثر انتشر الأسبوع الماضي في إحدى المحال التجارية لسيدة سعودية تقف عند طاولة المحاسبة، التقطت لها كاميرا المحل رد فعل مفاجئ حين أهدتها صاحبة المحل وردة، فانهارت السيدة بالبكاء واضعة رأسها على الطاولة من شدة انفعالها وتأثير الموقف الإنساني في مشاعرها، ما دفع صاحبة المحل إلى احتضانها ومحاولة تهدئتها، ولأن العهدة على الراوي فيما يقال فإن تلك السيدة فسرت شدة انفعالها في هذا الموقف بكونها اعتادت على إهداء الآخرين الهدايا بينما من النادر أن تصلها هدية.
السؤال الذي يطرح نفسه هل الهدية فعلا تترك ذلك الأثر النفسي العميق في المشاعر؟
أتذكر حين كنا صغارا كنا نسافر كل عام إلى أقاربنا وكانت والدتي تقضي الأيام الأخيرة قبل السفر في إعداد "الصوغات"، و"الصوغة" لمن لا يعرفها من الأجيال الجديدة هي الهدية المتعارف عليها حاليا مع فرق شاسع طبعا من حيث البساطة وعدم التكلف والمشاعر الصادقة. كانت والدتي تبدأ تجميع مواد "الصوغة" من عطورات وأقمشة وبخور وحناء ومكسرات وفساتين للصغار، ثم تأتي المهمة الصعبة في فرز هذه الهدايا وإعدادها، طبعا لم تكن الرفاهية والسوشال ميديا قد بدأت غزو أرواحنا. كانت كل "صوغة" تضعها والدتي في كيس بلاستيك عادي وأحيانا تضعها في قماش "روز" اشترته خصيصا، ثم تقوم بلف أطرافه بعناية بعد أن تكون وضعت جميع المواد فيه، ثم تقوم بكتابة اسم كل امرأة على "الصوغة"، وعند زيارة النساء لأمي عند أقاربنا وبعد السلام والتعبير عن مشاعر الاشتياق وقبل أن تغادر أي زائرة، تقول لها أمي "جبت لك صوغة بسيطة وسامحيني على القصور".
نظرات الامتنان والشكر التي كنت أقرأها على وجوه النساء ما زالت راسخة في عقلي لليوم.
ما يحدث حاليا من انقلاب المفاهيم عن الهدايا يجعلنا "نشيل هم" المناسبات التي تستلزم منا إحضار هدايا، غابت المشاعر الجياشة وغلب علينا "الفشخرة الكذابة" والتصوير والتباهي بالهدية وتغليفها الفاخر والمبالغة المادية في سعرها، وأنها لا بد تكون ماركة ما "هد" ميزانية كثير من الأسر المتوسطة، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لو أهدي إلي كراع لقبلت ولو دعيت عليه لأجبت".
وخزة
ما رأيكم خلال هذا الأسبوع أن يفكر كل واحد منا "بصوغة ملفوفة بقماش روز" يهديها لمن يحب؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي