انعزال سوق الأسهم«2 من 2»

من الواضح أن اللاعبين الصغار في أسواق الأسهم لا يملكون ببساطة رأس المال اللازم للنجاة من صدمة طويلة الأمد وبهذا الحجم. والآن بدأت البرامج الحكومية التي ساعدت على الإبقاء على قدرتهم على الاستمرار لبعض الوقت تنحسر، ما يزيد خطر تأثير كرة الثلج في حالة حدوث موجة ثانية.
سينظر إلى بعض حالات فشل الشركات الصغيرة على أنها جزء لا يتجزأ من إعادة الهيكلة الاقتصادية الأوسع التي أشعلت الجائحة شرارتها. لكن وفرة من الشركات القابلة للحياة والاستمرار ستفشل أيضا، ما يجعل الشركات الضخمة المتداولة في أسواق الأسهم في وضع أقوى في السوق مقارنة بما كانت عليه بالفعل. صحيح أن بعض الشركات الكبيرة تقدمت بطلبات الحماية من الإفلاس، لكن أغلبها، خاصة شركات التجزئة التقليدية، كانت بالفعل في ورطة قبل الجائحة.
وتزداد حدة التأكيد على التأثير غير المتكافئ الذي تخلفه الجائحة لأن عائدات الضرائب الحكومية لم تنخفض بالقدر الذي كان المرء يتوقعه، نظرا لحجم الركود ومستويات البطالة غير المسبوقة منذ ما بعد الحرب أو في حالة أوروبا النفقات الهائلة لتغطية تكاليف إجازات العمال. والسبب بطبيعة الحال هو أن خسائر الوظائف كانت متركزة بين الأفراد من ذوي الدخل المنخفض الذين يدفعون ضرائب أقل.
لكن المخاطر التي تواجه أسواق الأسهم المرتفعة اليوم ليست اقتصادية وحسب، بل تضم - على سبيل المثال لا الحصر - احتمالا كبيرا يتمثل في حدوث أزمة سياسية غير مسبوقة في أعقاب الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني (نوفمبر). بعد أزمة 2008 المالية، شهدنا ردة فعل عنيفة واسعة النطاق إزاء السياسات التي بدا كأنها تحابي الشركات الكبرى في "وول ستريت" على حساب الشركات الصغيرة في "مين ستريت". هذه المرة، سيوجه الذم والتشهير مرة أخرى نحو "وول ستريت"، لكن الغضب الشعبوي سيكون موجها أيضا نحو وادي السيليكون.
وستكون إحدى النتائج المحتملة، خاصة إذا تسببت عملية تفكيك العولمة الجارية في زيادة حدة الصعوبات التي تواجهها الشركات في تحويل عملياتها إلى دول حيث الضرائب منخفضة، تحول اتجاه الانخفاض في معدلات الضرائب على الشركات إلى العكس. ولن يكون هذا مفيدا لأسعار الأسهم، ومن الخطأ أن نتصور أن الاستجابة الشعبوية قد تتوقف عند هذا الحد.
إلى أن تصبح تقييمات أسواق الأسهم المرتفعة مدعومة بالتعافي عريض القاعدة في كل من النتائج الصحية والاقتصادية، لا ينبغي للمستثمرين أن يستسلموا للشعور بالارتياح المبالغ فيه إزاء أرباحهم الضخمة التي تحققت أثناء الجائحة. فما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2020.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي