ماذا تقول لك مصروفات الشركة؟
كثيرا ما نسمع أحدهم يعلق على أرقام ونتائج الشركات بأن هذه الشركة لديها مصروفات مرتفعة، لكن ما المنطق والأساس الذي نحكم به ونقيم مدى ارتفاع المصروفات من عدمه؟ وهل الارتفاع مبرر أم لا؟ ولعل في الأساس والبداية نعرف لماذا من المهم معرفة ما الهدف أو الفائدة من معرفة ارتفاع المصروفات؟ إجابة هذا السؤال ببساطة أن المصروفات تدل على حسن الإدارة، بمعنى أن الإدارة الجيدة والحريصة على حقوق المساهمين تهتم كثيرا بخفض المصروفات بشكل عام (يعبر عنها في كثير من الأحيان المصروفات العمومية والإدارية) فكلما زادت المصروفات دل ذلك على إهمال إدارة الشركة مصالح المساهمين، والعكس صحيح، لكن ما المعيار للحكم على مدى ارتفاع المصروفات؟
أفضل طريقة لمعرفة ذلك هي طريقة المقارنة بالقطاع، وذلك عبر استخدام مؤشر نسبة المصروفات الإدارية إلى المبيعات Expenses Ratio، فمثلا لو لدينا شركة ما مجموع مصروفاتها الإدارية مليون ريال ومبيعاتها 50 مليون ريال ستكون نسبة المصروفات الإدارية 2 في المائة، في هذه الحالة هل هي مرتفعة أم معقولة؟ هنا يجب أن نقارنها بالقطاع، فلو علمنا أن القطاع الذي تعمل به تبلغ نسبة المصروفات ما متوسطه 1.5 في المائة، فهذا يعني أن المصروفات أعلى من متوسط القطاع، ولو كان المتوسط 3 في المائة، فهذا يعني أنها أفضل كفاءة في المصروفات الإدارية والعمومية من القطاع، لكن هذا ليس كل شيء، يجب أن نتأكد من عدم وجود مصروفات تحملتها الشركة لمرة واحدة، فبالتالي تعد مصروفات غير متكررة وللتأكد من ذلك يجب مراجعة الأعوام السابقة ومعرفة المتوسط، كذلك يجب المقارنة بالأعوام السابقة ومعرفة هل هذه المصروفات تتخذ اتجاها تصاعديا أم تنازليا؟ فلو كانت النسبة تزيد كل عام، فهذا يزيد الوضع سوءا، أما لو كان العكس، فهذا يدل على أن الإدارة تعمل على معالجة الارتفاع، وهي في الطريق الصحيح، وللتذكر أتكلم عن النسبة وليس رقم المصروفات، لأن النسبة تعتمد على قسمة المصروفات على المبيعات، فلذلك لو أن في مثال الشركة السابق ارتفعت مصروفات الشركة في العام الذي بعده من مليون إلى مليون و100 ألف، هذا معناه ارتفاع المصروفات لكن يجب مقارنته بالمبيعات، فلو ارتفعت المبيعات إلى 60 مليون بزيادة عشرة ملايين حينه، سنجد أن الشركة تحكمت في المصروفات، بل استطاعت تخفيض النسبة من 2 إلى 1.8 في المائة، وهو يعد ممتازا لأن من الطبيعي أن أغلب الشركات إذا أرادت رفع مبيعاتها يتطلب ذلك رفع المصروفات، ولذلك المعيار هنا هو النسبة وليس الرقم.
لهذا نجد أن المصروفات ونسبتها في شركة تعمل في قطاع "البتروكيميكل" تختلف تماما عن شركة تعمل في الاستثمار أو التجزئة، متوسط المصروفات لشركة تعمل في قطاع "البتروكيميكل" بحدود 7 إلى 15 في المائة في أقصى حالاته، بينما في المصارف تصل إلى أعلى من 40 في المائة، وذلك بسبب اختلاف نموذج العمل وتوزيع التكاليف والاعتماد على العنصر البشري، وفي قطاع آخر مثل التجزئة نجد اختلافات داخل القطاع، فهناك شركة تبلغ النسبة 3 في المائة فقط مثل "جرير"، وشركة تبلغ 10 في المائة مثل "ساكو"، لذلك أسلوب المقارنة يجب أن يكون حذرا ويكون مع شركة متطابقة في النشاط مثل مصرف مع مصرف آخر.
ختاما: هذا التحليل لهذه النسبة هو نموذج لكيفية التعامل مع التحليل بطريقة أكثر تفصيلا ومعرفة، وينطبق على تحليل كل النسب المالية والاستثمارية الأخرى، والأهم فهم المغزى من معرفة ارتفاع نسبة المصروفات، فهذا يدل على تصرف الإدارة بأموال المساهمين في مصروفات إدارية أعلى من نظيرتها في القطاع، إما بزيادة رواتب أو مكافآت أو إيجارات أو مصروفات عامة، وهذه الأموال كان مفترضا أن تذهب إلى رصيد المساهمين كأرباح، قد يكون تم صرفها على أمور رفاهية أو رواتب غير متحكم فيها أو حتى على فساد في المصروفات، وهنا يجب على مجالس الإدارات والمساهمين التنبه وحفظ مال المساهمين.