الاستثمار في البشر والأهمية الاقتصادية «2 من 2»
يتعين علينا على الأصعدة كافة والمؤسسات الاقتصادية والمالية والمتهمة بالمحافظة على معدلات النمو في الاقتصاد العالمي، أن نتحد على الصعيد العالمي كمجتمع دولي واحد، مع شعور قوي بالتضامن حول كيفية التصدي للجائحة، والأهم من ذلك، كيف نعمل على منع الأزمات في المستقبل أو التخفيف من حدتها.
وقد وافق مجلس المديرين أخيرا على محفظة تصل إلى 12 مليار دولار لمساعدة الدول النامية على شراء وتوزيع اللقاحات والاختبارات والعلاج لمواطنيها من فيروس كورونا. وكما تعلمون، فأن يكون لديك لقاحات في المصنع أمر، وإيصال هذه اللقاحات إلى كل من يحتاج إليها أمر آخر تماما، بغض النظر عن مكان وجودهم وما يمكن أن يدفعوه. وستتمثل إحدى الأولويات في التأكد من وجود البنية التحتية اللازمة للتوزيع، مثل سلسلة التبريد، في مختلف الدول. وتحقيقا لهذه الغاية، يجري البنك الدولي تقييما للاستعداد مع الحكومات والمنظمات الدولية الأخرى، مثل منظمة الصحة العالمية ويونيسيف، لتسليط الضوء على الثغرات وتحديد التدابير التي يتعين اتخاذها.
ومن شأن التمويل المقدم من البنك الدولي، الذي يعد مكملا لصندوق الالتزام السوقي المسبق بتوفير لقاح كورونا، بقيادة التحالف العالمي للقاحات والتحصين وتحالف ابتكارات الاستعداد لمواجهة الأوبئة ومنظمة الصحة العالمية، أن يدعم الدول المعنية في شراء وتسليم لقاحات فيروس كورونا. وإلى جانب جهود الصندوق، يمكن أن يغطي هذا التمويل ما لا يقل عن 20 في المائة من سكان الدول النامية، كأولوية فورية. كما أننا سندعم الدول في إدارة النقل الآمن للقاحات والتخزين البارد وإيصالها إلى الفئات الأكثر حرمانا، بمن فيهم كبار السن والعاملون الصحيون في الخطوط الأمامية.
يجب أن ندعم الدول كما لم يحدث من قبل لمساعدة الحكومات على تحديد أولويات الاستثمار في البشر، وأن هذه الجهود ليست سوى غيض من فيض من الأمثلة لتوفير حماية أفضل للمواطنين والاستثمار فيهم أثناء هذه الجائحة. غير أنه بينما نمضي في الاتجاه الصحيح على الصعيد العالمي، فهذا لا يكفي في أزمة بهذا الحجم. ولتجنب مزيد من التأثير على الناس، يجب علينا دعم الدول أكثر من أي وقت مضى من خلال التمويل وبناء القدرات وتبادل المعارف التي من شأنها أن تساعد الحكومات على إعطاء الأولوية للاستثمار في المواطنين وإصلاح السياسات استجابة للاحتياجات الفورية والمتوسطة الأجل. ويتعين علينا أن نفعل ذلك على خصوصا في الدول منخفضة الدخل والدول الهشة، وفي الدول متوسطة الدخل التي ستكون موطنا لعدد متزايد من الفقراء ذوي رأس المال البشري المنخفض، وهي الأماكن التي تتعرض فيها لأكبر تهديد المكاسب التي تحققت بشق الأنفس.
وأنا على ثقة بأننا معا نستطيع العودة إلى المسار الصحيح نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ولن نتجنب خسائر ضخمة في رأس المال البشري لجيل كامل فحسب، بل أيضا نساعد على تحسين آفاقهم من خلال نظم أقوى وأكثر إنصافا لخدمتهم.