محافظ صندوق الاستثمارات لـ "الاقتصادية": سنتوسع في سلاسل الإمداد والتوريد .. استثمرنا 2020 بمعدلات ربحية عالية

محافظ صندوق الاستثمارات لـ "الاقتصادية": سنتوسع في سلاسل الإمداد والتوريد .. استثمرنا 2020 بمعدلات ربحية عالية
محافظ صندوق الاستثمارات لـ "الاقتصادية": سنتوسع في سلاسل الإمداد والتوريد .. استثمرنا 2020 بمعدلات ربحية عالية

عندما ينظر أي منصف بنظرة متجردة من أي حسابات أيا كان تصنيفها، إلى ما حققه صندوق الاستثمارات العامة "الصندوق السيادي السعودي" في الأعوام الخمسة الأخيرة، وتحديدا بعد إعادة هيكلته وتشكيل مجلس إدارته برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فإنه - دون شك - سيخرج بتقييم منصف يفترض أن يعكس النتائج الاستثنائية التي تمخضت عما حققه الصندوق خلال هذه المدة. في خمسة أعوام تقدم الصندوق 23 مركزا ليحتل المرتبة الثامنة على مستوى الصناديق السيادية العالمية بـ 400 مليار دولار، ونجح في مضاعفة حصته من ثروات هذه الصناديق من 2 في المائة عام 2015 إلى 5 في المائة في 2020، ما يعني أن أصوله اليوم بلغت 1.5 تريليون ريال. ليس هذا فحسب، فالصندوق يستهدف أربعة تريليونات ريال بنهاية 2025 وصولا إلى 7.5 تريليون ريال بحلول 2030 ليكون - بحسب برامجه - أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم. في خطة ثلاثية "من 2018 إلى 2020"، استطاع صندوق الاستثمارات تحريك الاقتصاد السعودي ليسهم، وبشكل كبير، في تنويع مصادره، وهو هدف استراتيجي للسعودية، ركزت عليه كثيرا "رؤية 2030". وهنا يجب ألا ننسى أنه رغم تزايد المخاوف وتضرر الاقتصادات في 2020 "عام الجائحة"، إلا أن الصندوق استمر بثقة وجرأة في اقتناص عديد من الفرص المثمرة في شركات عالمية. الأحد الماضي، اعتمد مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، برئاسة ولي العهد، استراتيجية خمسية "من 2021 إلى 2025"، اشتملت ضمن مستهدفاتها على أرقام ضخمة، بينها: 1.2 تريليون ريال إسهام في الناتج المحلي، ضخ 150 مليار ريال سنويا على الأقل في الاقتصاد المحلي، استحداث 1.8 مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة، ورفع مستوى المحتوى المحلي في الصندوق والشركات التابعة له إلى 60 في المائة. بعد إعلان الاستراتيجية الجديدة، أجرت "الاقتصادية" حوارا خاصا وشاملا مع ياسر الرميان محافظ صندوق الاستثمارات العامة، للحديث عن مشاريع الصندوق واستثماراته القادمة، وخططه وإنجازاته.

- كيف تقيمون الإنجازات التي حققها صندوق الاستثمارات العامة مقارنة ببعض الصناديق الاستثمارية الأخرى إقليميا وعالميا؟

لقد كان لرؤية 2030 الطموحة بالغ الأثر في تعزيز دور صندوق الاستثمارات العامة. فمع إعادة تشكيل مجلس إدارة الصندوق برئاسة ولي العهد حفظه الله، وإعادة صياغة استراتيجية الصندوق، الأمر الذي أسهم بشكل مباشر في تحقيق مستهدفات استراتيجية على مدى الأعوام الأربعة الماضية، وتحقيق أثر إيجابي في الاقتصاد المحلي وتعظيم حجم الأصول تحت الإدارة وتنويعها.

فاليوم -بحمد الله- يحتل صندوق الاستثمارات العامة مرتبة متقدمة ومؤثرة في مصاف صناديق الثروة السيادية في العالم، وذلك استنادا إلى التغييرات الاقتصادية النوعية التي أسهم في تحقيقها على المستويين المحلي والعالمي، عبر عديد من المشاريع والاستثمارات الاستراتيجية، ما عزز دور الصندوق كمحرك رئيس لتنويع الاقتصاد السعودي، حيث استطاع مضاعفة حجم أصوله تحت الإدارة لتصل إلى ما يقارب 1.5 تريليون ريال بنهاية 2020.

ولعل حصول الصندوق أخيرا على جائزة أفضل صندوق استثماري لعام 2020 من مؤسسة GlobalSWF، في ظل تراجع الاقتصاد العالمي نتيجة تداعيات جائحة كورونا، جاء ليؤكد دور وتأثير الصندوق عالميا والإنجاز الكبير الذي حققه في تنويع اقتصاد المملكة والمساهمة في تحقيق أهداف رؤية 2030، من خلال الاستثمار في القطاعات الواعدة والمبتكرة.

- ما آليات وبرامج الصندوق لتحقيق خطة ولي العهد لتصبح أصول الصندوق سبعة تريليونات ريال بحلول 2030؟

عمل الصندوق على تطوير ثماني ركائز استراتيجية يندرج تحتها عدد من المبادرات في جوانب استثمارية، وإيجاد وتعظيم قيمة استثمارات الصندوق، وتحقيق التميز المؤسسي. وتسهم هذه المبادرات في تحقيق المستهدفات التي يعمل الصندوق عليها، حيث سيعمل صندوق الاستثمارات العامة -بحول الله- على ضخ استثمارات محلية بقيمة 150 مليار ريال على الأقل في مشاريع جديدة خلال الأعوام الخمسة المقبلة من خلال 13 قطاعا استراتيجيا، إلى جانب مضاعفة حجم الأصول ليتجاوز أربعة تريليونات ريال في عام 2025 وصولا إلى 7.5 تريليون ريال في 2030, كما يستهدف الصندوق ضخ استثمارات في مشاريع جديدة تصل إلى تريليوني ريال من عام 2026 إلى عام 2030 ليصبح مجموع الاستثمارات في المشاريع الجديدة ثلاثة تريليونات ريال.

وستركز استراتيجية الصندوق خلال الأعوام الخمسة المقبلة على إطلاق القطاعات المحلية وتنميتها، وتطوير المشاريع العقارية المحلية، وتطوير المشاريع الكبرى، وتنمية وتنويع أصول الصندوق العالمية، إضافة إلى دعم التنمية الوطنية وتمكين رؤية المملكة 2030، وتطوير أوجه التعاون بين المحافظ الاستثمارية لإيجاد قيمة استراتيجية وتشغيلية، وتنويع مصادر التمويل وتعزيز المركز المالي للصندوق، إضافة إلى تعزيز المنظومة المؤسسية للصندوق.

- كيف تقرأ مسيرة التحول الاقتصادي في المملكة في ضوء نجاح الصندوق في تعظيم العائدات غير النفطية؟

لقد ارتكزت رؤية 2030 على إطلاق قدرات القطاعات غير النفطية الواعدة، وفي هذا الجانب فإن صندوق الاستثمارات العامة يشكل أداة فاعلة لتعزيز الجهود التي تبذلها المملكة لتنويع مصادر العائدات بعيدا عن النفط، حيث يستهدف الصندوق وشركاته التابعة له المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بقيمة 1.2 تريليون ريال سعودي تراكميا بنهاية عام 2025، من خلال تفعيل فرص النمو للقطاعات الاستراتيجية للمملكة.

كما استهدف الصندوق الاستفادة من المعالم السياحية، وكذلك من التراث التاريخي والثقافي للمملكة، مثل مواقع "اليونيسكو"، إضافة إلى المواقع الجغرافية المميزة التي تقدمها المملكة مثل البيئة الجبلية أو البحرية من خلال الاستثمار في مشاريع مثل البحر الأحمر وأمالا وغيرها. إضافة إلى ذلك، للصندوق عدد من المشاريع التي تستهدف الترفيه والرياضة مثل القدية وشركة مشاريع الترفيه السعودية "سفن"، كما يسعى الصندوق إلى تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية غير النفطية، مثل التعدين، والطاقة المتجددة. ويعمل الصندوق لتطوير القطاعات الواعدة والصناعات الناشئة مثل الصناعات العسكرية، إضافة إلى تعزيز الاستثمارات في تلك القطاعات، وتحقيق عوائد مرتفعة على المديين المتوسط والبعيد.

وأسس صندوق الاستثمارات العامة إدارة مختصة لدعم التنمية الوطنية وتعزيز الأثر الاقتصادي لاستثمارات الصندوق، وتهدف إدارة التنمية الوطنية إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسة وهي:

1- دراسة وتعزيز الأثر التنموي الاقتصادي لاستثمارات صندوق الاستثمارات العامة الحالية والمستقبلية.

2- تحديد التوجهات الاستراتيجية للصندوق فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة ودعم تنفيذها، مع التركيز على مشاركة القطاع الخاص، وتأمين سلاسل الإمداد، ورفع مستوى التوطين.

3- قياس الأثر الاقتصادي لاستراتيجية الصندوق من خلال وضع آلية لقياس المستهدفات الاقتصادية للصندوق واحتسابها بشكل دوري وتحديد سبل تطوير أداء الصندوق لتعزيز الأثر الاقتصادي لاستثماراته.

- في ظل إعلان "نيوم" مشروع "ذا لاين"، كيف يقيم الصندوق تقدم سير أعمال المشاريع الكبرى؟ وهل تمكنت المشاريع من جذب استثمارات دولية؟

يشكل مشروع مدينة "ذا لاين" في "نيوم" نموذجا لما يمكن أن تكون عليه المجتمعات الحضرية مستقبلا، ومخططا يكفل إيجاد التوازن للعيش مع الطبيعة، وستضم مدينة "ذا لاين" مجتمعات إدراكية مترابطة ومعززة بالذكاء الاصطناعي على امتداد 170 كم ضمن بيئة خالية من الضوضاء أو التلوث، وخالية من المركبات والازدحام، واستجابة مباشرة لتحديات التوسع الحضري مثل البنية التحتية المتهالكة، والتلوث البيئي، والزحف العمراني والسكاني.

ويلعب الصندوق دورا مؤثرا في وضع الأطر العامة لهذه المشاريع وحوكمتها، وتعزيز التعاون بينها من خلال ما يعرف "بأسلوب صندوق الاستثمارات العامة"، ورفع مستويات الكفاءة في كل المشاريع، حيث يتمثل دوره في العمل كمستثمر رئيس ونشط في هذه المشاريع الضخمة، كما يطمح لإيجاد شراكات في كل المشاريع الكبرى مع رواد الأعمال والشركات العالمية والمحلية، وبلا شك فإننا نتوقع أن يلفت ما تطرحه تلك المشاريع انتباه كل المستثمرين المهتمين بالاستثمارات حول العالم.

ومن خلال خطته الاستراتيجية ضمن محفظة المشاريع الكبرى، ورغم تحديات الجائحة، استمر العمل في الخطة الموضوعة على استكمال مراحل المشاريع الكبرى وكان آخرها توقيع اتفاقية أكواباور وAir products بقيمة خمسة مليارات دولار لبناء منشأة لإنتاج الهيدروجين في "نيوم" بطريقة صديقة للبيئة لتوفير حلول مستدامة لقطاع النقل العالمي ولمواجهة تحديات التغير المناخي من خلال حلول عملية لتخفيض الانبعاثات الكربونية.

وقد بدأت المشاريع الكبرى بالفعل في جذب المستثمرين، فعلى سبيل المثال، وقعت القدية مع شركة Six Flags الرائدة عالميا في المتنزهات الترفيهية، اتفاقية لتطوير وتصميم منتزه يحمل علامتها التجارية. حيث سيتخذ هذا المتنزه الترفيهي من القدية موقعا له، وتمثل الوجهة الترفيهية والرياضية والثقافية الأولى في المملكة، ومن المتوقع افتتاحه عام 2022. ويأتي هذا التطوير في إطار استراتيجية رؤية 2030 الشاملة التي تهدف إلى تعزيز قطاع الثقافة والترفيه وبناء بيئة ترفيه بمعايير عالمية في المملكة عبر جذب المستثمرين المحليين والدوليين وعقد شراكات مع شركات الترفيه العالمية. كما قامت القدية بترسية عديد من العقود المهمة لإنشاء طرق وجسور المشروع الرئيسة.

كما قام مشروع البحر الأحمر بتوقيع عقود بقيمة تتجاوز 7.5 مليار ريال سعودي ضمن الخطة للانتهاء من المرحلة الأولى في آخر 2021، وكان نصيب الشركات المحلية 70 في المائة من هذه العقود. إضافة إلى اعتماد الخطة الرئيسة للمشروع والبدء في أعمال البنى التحتية على أرضه. كما تم إطلاق برنامج ابتعاث مشروع البحر الأحمر الذي تضمن 120 طالبا لدراسة السياحة مختتما بالتدريب العملي والتوظيف في المشروع عند عودتهم.

- ثمة من يرى أن الأموال التي ضخها الصندوق في استثماراته الخارجية أثناء الجائحة، كان من الأولى الاستفادة منها محليا لدعم جهود الدولة لمواجهة الجائحة، فما رأيكم؟

خلال العام الماضي تأثرت الأسواق بالجائحة وكان لدينا توجه لاقتناص الفرص الاستثمارية في الأسواق التي شهدت انخفاضا بمعدلات تراوحت بين 27 و35 في المائة كانت فرصة كبيرة للصندوق استعد لها واستثمرها جيدا، حيث قمنا بالدخول في عدة قطاعات وتخارجنا أيضا من عدة استثمارات بعد تحقيق معدلات ربحية عالية، وأبقينا على مراكزنا الاستثمارية في قطاعات استراتيجية.

وكانت استراتيجية الصندوق خلال الأزمة تقوم على ثلاثة محاور وهي: اقتناص الفرص، والاستثمار الاستراتيجي، والتمويل الإنقاذي لبعض الشركات. وقد قام صندوق الاستثمارات العامة باقتناص الفرص، وقمنا بالدخول في استثمارات بشركات أمريكية وأوروبية وآسيوية، كما قمنا بالتخارج من بعضها وبقينا في البعض الآخر، فالاستثمار خلال الأزمة كان في الشركات والصناديق المتداولة بقطاعات مختلفة، مثل: قطاع الأدوية، والبنية التحتية، والصناعات والتكنولوجيا.

أما محليا فقد قام الصندوق عبر شركاته التابعة بدعم الاقتصاد وتلبية الاحتياجات الرئيسة المحلية خلال الجائحة، ودعم تأمين الأمن الغذائي والصحي للمملكة. فعلى سبيل المثال، قامت شركة "سالك" المملوكة بالكامل للصندوق بتأمين عديد من المواد الغذائية والمحافظة على مخزوناتها خلال الجائحة وتأمينها للأسواق المحلية، بينما قامت شركة "البحري" بالتوسع في أسطولها لضمان الاستقرار في حال وجود أي تقلبات تواجه الإمدادات العالمية وضمان إمداد المملكة بالاحتياجات الأساسية، ووقعت شركة "نوبكو" عقدا بقيمة 995 مليون ريال مع شركة BGI الصينية لتوفير تسعة ملايين فحص لتشخيص فيروس كورونا شاملة جميع الأجهزة والمستلزمات.

- تضمنت وثيقة رؤية المملكة 2030 فيما يتعلق بصندوق الاستثمارات قيام الصندوق بتوطين التقنيات والمعرفة المتطورة، كيف تقيمون هذا الدور حتى الفترة الحالية؟

بلا شك، توطين التقنية والمعرفة يدعم تمكين المملكة لتصبح مركزا عالميا منافسا، كما أنه عامل مهم في تطوير الفرص في مختلف القطاعات، ولذلك فإن صندوق الاستثمارات العامة يستهدف بناء شراكات دولية استراتيجية بعيدة المدى، تحقق أهدافه الاستثمارية، وتقدم قيمة مضافة تجاه نقل التقنيات وتوطين المعرفة، والمساهمة في رفع نسبة المحتوى المحلي إلى 60 في المائة في الصندوق والشركات التابعة بنهاية 2025.

حيث أسهمت محفظة الاستثمارات العالمية الاستراتيجية في تنمية أصول الصندوق المباشرة وغير المباشرة في الشركات الناشئة والصناعات المستقبلية، وبناء العلاقات بين الصندوق والشركات والمستثمرين المبتكرين، وتعزيز الروابط مع النظراء الدوليين والمستثمرين المؤثرين ومديري الاستثمارات.

ومن أمثلة نقل القدرات والمهارات من خلال الشراكات الاستراتيجية، تعمل الشركة السعودية للصناعات العسكرية SAMI كعنصر محفز لقطاع الصناعات العسكرية وتوطينها ونقل التكنولوجيا العالمية في هذا القطاع. كما استثمر الصندوق في شركة لوسد، لتطوير تقنيات السيارات الكهربائية وتصنيعها، حيث عمل الصندوق مع شركة لوسد على برامج تدريب استفاد منها عديد من الخريجين السعوديين، وسيسهم ذلك في تطوير قطاع صناعة السيارات الكهربائية في المملكة.

- نلاحظ تركيز صندوق الاستثمارات العامة خلال الفترة الأخيرة في اتفاقياته على قطاع الطاقة المتجددة، فما المردود الاقتصادي من هذه الصفقات على تطور ونمو الاقتصاد السعودي؟

يعمل الصندوق على تأسيس قطاع مستدام في مجال توليد الطاقة من خلال استثمارات ينفذها مع شركات رائدة في مجال الطاقة المتجددة، على أن يتم ذلك من خلال مشاركة القطاع الخاص عبر سلاسل الإمداد.

والمستهدف في عام 2030 هو الوصول إلى طاقة استيعابية طموحة عبر تطوير 70 في المائة من مشاريع الطاقة المتجددة تحت مظلة الصندوق لتعزيز نمو الطاقة المتجددة في المملكة وتوطين التقنيات المتعلقة بها. كما قام الصندوق بإطلاق مبادرة "الاستفادة من مقدرات المملكة الطبيعية لتطوير وتنمية قطاع المرافق الخدمية والطاقة المتجددة"، التي تأتي لتعزيز الطاقة الاستيعابية المحلية للمملكة في القطاع، وتبني التقنيات الملائمة لتخفيف الأثر الكربوني، مع زيادة العوائد المالية المتأتية والأثر التنموي.

ويستثمر الصندوق في قطاعات الطاقة المتجددة، فعلى سبيل المثال، استثمر الصندوق ضمن استراتيجيته لدعم الشركات المحلية التي لها وجود عالمي في هذا القطاع، في شركة أعمال الطاقة والمياه الدولية "أكواباور" بامتلاك 50 في المائة من أسهم الشركة الرائدة في مجال الطاقة وتحلية المياه في الشرق الأوسط، وقد تم توقيع اتفاقية بين "أكواباور" وAir products بقيمة خمسة مليارات دولار لبناء منشأة لإنتاج الهيدروجين في "نيوم" بطريقة صديقة للبيئة لتوفير حلول مستدامة لقطاع الطاقة العالمي. كما سيعتمد عدد من مشاريع الصندوق على الطاقة المتجددة بنسبة 100 في المائة كما في مشروع "ذا لاين" الذي أعلنه ولي العهد.

- تضمنت استراتيجية الصندوق الاستثمار في قطاعات حيوية وواعدة، ما انعكاس هذه الاستثمارات على تحفيز القطاع الخاص؟

ولي العهد -حفظه الله- يؤكد حرصه الدائم على تمكين القطاع الخاص، وبلا شك فإن القطاع الخاص المحلي هو شريك الصندوق الأهم، ويعد عنصرا أساسيا فاعلا وشريكا في تنفيذ مشاريع الصندوق.

ويلتزم الصندوق بضخ 150 مليار ريال سنويا على الأقل في الاقتصاد المحلي بشكل سنوي ومتزايد حتى عام 2025, ويستهدف الصندوق وشركاته التابعة المساهمة في زيادة المحتوى المحلي إلى 60 في المائة في الصندوق والشركات التابعة له من حجم الإنفاق بحلول عام 2025، وذلك من خلال: توسيع الفرص أمام الشركات المحلية للإسهام في مشاريع الصندوق، وتحفيز الموردين المحليين لتطوير طاقاتهم وقدراتهم، وزيادة توطين السلع والخدمات المستوردة، وفتح آفاق فرص الاستثمار للصندوق لتحسين سلسلة الإمداد المحلية.

ودعما لجهود التنمية والتحول الاقتصادي في المملكة، قام الصندوق بتأسيس أكثر من 30 شركة محلية، في عشرة قطاعات حيوية مثل التطوير العقاري والبنية التحتية، السياحة والضيافة، الترفيه، النقل والمواصلات، إعادة التدوير والطاقة المتجددة وغيرها. كما يستهدف صندوق الاستثمارات العامة خلال الخمسة أعوام المقبلة التركيز على 13 قطاعا حيويا واستراتيجيا محليا مثل الطيران والدفاع، المركبات، النقل والخدمات اللوجيستية، الأغذية والزراعة وغيرها.

- ما حجم الوظائف التي تمكن الصندوق من إيجادها؟ وكيف نقرأ قدرة مساهمة الصندوق في إيجاد 1.8 وظيفية في المملكة بنهاية عام 2025؟

تمكن صندوق الاستثمارات العامة خلال الأعوام الماضية من تحقيق مستهدفه في توفير الوظائف، عبر استحداث أكثر من 331 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة. وسيعمل الصندوق خلال الخمسة أعوام المقبلة على ضخ 150 مليار ريال سنويا على الأقل في الاقتصاد المحلي على نحو متزايد، إلى جانب المساهمة في زيادة حجم المحتوى المحلي ليصل إلى 60 في المائة في الصندوق والشركات التابعة، الأمر الذي سيسهم في تحقيق مستهدفنا في استحداث 1.8 مليون وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر تراكميا على مدى الأعوام الخمسة المقبلة، وهذا الرقم يشمل الوظائف التي يتم إيجادها بواسطة الصندوق والشركات التابعة له، أو بواسطة شركات أخرى مرتبطة استثماريا بالصندوق والشركات التابعة، وسيتم التركيز بشكل خاص على قطاعات حيوية مثل قطاع الترفيه والسياحة والرياضة، ومواد وخدمات البناء والتشييد، والخدمات العقارية.

وعلى صعيد التدريب، يدرك الصندوق أهمية توفير فرص العمل والتطوير المهني للشباب السعودي وهو جزء أساسي من تنفيذ مهمته وتحقيق عوائد مستدامة وطويلة الأجل، ولذلك لا يقتصر تركيز صندوق الاستثمارات العامة على تطوير مهارات وقدرات فريقه الداخلي فحسب، بل يعمل عبر شركات محفظته ومشاريعه الكبرى على الاستثمار في تنفيذ مبادرات التطوير التعليمي والمهني للمواهب السعودية الواعدة التي تهدف إلى نقل وتوطين المعرفة، وتعزيز إمكانية الوصول إلى فرص وظيفية عالية المستوى، وتزويد المجتمع المحلي بالمهارات اللازمة للتكيف مع التحول الاقتصادي والاجتماعي طويل الأجل الذي يجري في المملكة، إلى جانب توفير فرص العمل.

وعلى الصعيد الداخلي تمكن الصندوق خلال الأعوام الثلاثة السابقة من رفع عدد موظفيه من نحو 40 موظفا في 2016 ليصل لأكثر من 1000 موظف حاليا، ويطمح ليصل إلى أكثر من 1200 موظف مع نهاية العام الجاري 2021.

- كيف تقيمون مخاطر الاستثمار في القطاعات الناشئة؟

من المعروف أن المخاطر تعد جزءا لا يتجزأ من أي عملية استثمارية. ولذلك عملنا في صندوق الاستثمارات العامة على تطوير نموذج حوكمة للصندوق والشركات التابعة له، يهدف إلى ضمان تنوع محفظة الصندوق الاستثمارية وتحقيق التوافق الاستثماري بين تلك الاستثمارات من حيث مستوى المخاطر المتعلقة بها ونسبة العوائد المتوقعة منها.

ويقدم نموذج حوكمة الصندوق أسلوبا مبتكرا لاتخاذ القرارات من خلال استقطاب الخبرات وتفويض الصلاحيات للجان التابعة على مستوى مجلس الإدارة، وتتنوع اختصاصاتها لتغطي المجالات الاستثمارية، والمراجعة والالتزام، وإدارة المخاطر، والأعمال الاستراتيجية والإدارية، والمكافآت والتعيينات.

وبحكم دور الصندوق الرئيس لتنويع الاقتصاد، يبادر الصندوق باستثمارات محلية جريئة في القطاعات الناشئة التي قد يحجم القطاع الخاص عن دخولها بسبب المخاطر في المراحل الأولى، أو لتطلبها رؤوس أموال ضخمة وصبورة لتحقيق عوائد طويلة الأجل.

فعلى سبيل المثال، أسهم دخولنا في قطاع الترفيه ممثلا في السينما في فتح المجال لعشرات الشركات المحلية والأجنبية لافتتاح عشرات الصالات السينمائية، وكذلك في قطاع الصناعات العسكرية من خلال تأسيس الشركة السعودية للصناعات العسكرية، إضافة إلى شركة إعادة التدوير وغيرها.

- يستثمر الصندوق في "سوفت بنك" عبر "صندوق رؤية سوفت بنك"، ما أبرز النتائج المتحققة للاستثمار حاليا، وما توقعاتكم للشراكة في الأعوام المقبلة؟

يعد استثمار الصندوق في "سوفت بنك" أحد أكبر الاستثمارات التكنولوجية، ونحن نعمل مع شركائنا في صندوق رؤية سوفت بنك للاستفادة من الشركات الرائدة في محفظته للمساهمة في جهود تأسيس وتطوير القطاعات الواعدة في المملكة، حيث إن من الممكن أن يستثمر صندوق الاستثمارات العامة في "صندوق رؤية سوفت بنك" بما يصل إلى 45 مليار دولار بهدف أن يصبح الصندوق أحد أكبر المستثمرين في قطاع التكنولوجيا العالمي.

ونعمل مع شركائنا في صندوق رؤية سوفت بنك للاستفادة من الشركات الرائدة في محفظة صندوق رؤية سوفت بنك للمساهمة في جهود تأسيس وتطوير القطاعات الواعدة في المملكة.

وإذا نظرت إلى النتائج يمكنك رؤية أن النمو في التقييم والعائدات قوي جدا، فقد حافظت عائداتنا الاستثمارية على ثباتها حتى في ظل الانخفاضات الكبيرة التي تعرضت لها أسواق الأسهم، فعلى سبيل المثال، في نهاية الربع الثالث من 2020 بلغت استثمارات صندوق رؤية سوفت بنك 83.5 مليار دولار، وحققت هذه الاستثمارات عوائد تقارب 9.6 مليار دولار، فيما بلغ عدد الاستثمارات 92 استثمارا في عديد من القطاعات.

- ما الشركات التابعة للصندوق التي تعتزمون طرحها للاكتتاب؟

قرار طرح أي شركة للاكتتاب يحدده مجلس إدارة الشركة وفق مصالحها واستراتيجيتها وتحقيقا لأهدافها بعيدة المدى. الصندوق ملتزم بتحقيق تنمية طويلة المدى للشركات التابعة له، حيث يعمل الصندوق مع الشركات بمحفظته الاستثمارية من أجل تحديد رؤية واضحة تجاه مستقبل السوق أو القطاع، ووضع استراتيجية طموحة طويلة المدى بما يتماشى مع اتجاهات السوق والقطاعات المستقبلية، كما يعمل لتحديد مؤشرات أداء محددة وخطة تنفيذ واضحة. كما يقدم الصندوق الدعم اللازم لتلك الشركات لتحقيق الأهداف والقيمة المنشودة منها. وللصندوق ممثلون في جميع الشركات التابعة له يقومون بالتنسيق مع مجالس الإدارة وتقديم الدعم والتحفيز المطلوبين لتحقيق الأهداف.

ويطمح الصندوق أن يكون رائدا عالميا فيما يتعلق بحكومة الشركات. وسيعا لذلك، تم تبني أعلى معايير الحوكمة للصندوق والشركات التابعة له، وتحسينها بشكل مستمر وفقا لأفضل الممارسات العالمية، وذلك إيمانا بأن الحوكمة الجيدة هي أساس تمكين القيادة وتحسين عملية صنع القرار وتحقيق أعلى قيمة للشركات والمجتمع والاقتصاد ككل.

- ما أسباب تخارج الصندوق من استثمارات ناجحة محليا وعالميا؟

استمرارا لجهود الصندوق لدفع عجلة التحول الاقتصادي المحلي والأثر الإيجابي المستدام، نعمل على توجيه الاستثمار بفاعلية على المدى الطويل، بما يخدم مستهدفات رؤية 2030 في بناء اقتصاد متكامل للأجيال المقبلة.

فالصندوق يعمل بشكل متواصل لتقييم أصوله في الأسواق العالمية، ومثلما هو الحال مع كل المؤسسات المالية، فإن الصندوق يقوم بالاستحواذ على الأصول ومن ثم بيعها، بما يحقق له أعلى العائدات. هذا هو الأساس الذي تقوم عليه أنشطة الصندوق الاستثمارية.

فعلى سبيل المثال تخارجنا من صفقة شركة "سابك"، كانت له فائدة مشتركة لجميع الأطراف، وشكلت نقلة نوعية لثلاث من أهم المؤسسات الاقتصادية في المملكة. فهي توفر رأس المال الذي يعزز استراتيجية الاستثمار طويلة الأجل للصندوق، وفي الوقت نفسه تقود التحول الاقتصادي والتنموي في المملكة. وباعتبارها واحدة من الشركات الرائدة عالميا في مجال البتروكيماويات، تمضي سابك قدما مع أرامكو السعودية، كأفضل شريك استراتيجي ممكن.

- هل تم استخدام كامل مبلغ ال 40 مليار دولار المحولة للصندوق من البنك المركزي السعودي في مارس وأبريل الماضيين؟ وأين تم استثمارها؟

يعتمد الصندوق في مصادر تمويله على أربعة موارد أساسية: الأموال التي تضخها الدولة فيه -ومن ضمنها ال 40 مليار دولار المحولة من البنك المركزي إلى الصندوق-، والأصول المملوكة للحكومة التي تم تحويل ملكيتها إلى الصندوق، والعوائد المستبقاة من الاستثمارات، والقروض وأدوات الدين التي يجمعها الصندوق بشكل مستقل.

ويطبق الصندوق استراتيجية تمويلية تمكنه من تحقيق أهدافه الاستثمارية الطموحة على المدى الطويل وتدعم استراتيجيته للاستثمارات المحلية والدولية، بما يتماشى مع دوره المحوري كمحرك رئيس لتنويع المملكة، بحسب رؤية 2030.

- ما الفروق الجوهرية بين استراتيجية الصندوق في الثلاثة أعوام الماضية واستراتيجيته الجديدة للخمسة أعوام المقبلة؟

تهدف استراتيجية الصندوق بحسب برنامج صندوق الاستثمارات العامة 2021 – 2025، أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030 إلى تحقيق مستهدفات الرؤية عبر تعظيم أصول الصندوق، وإطلاق قطاعات جديدة، وبناء شراكات اقتصادية استراتيجية، وتوطين التقنيات والمعرفة، ما يسهم في دعم جهود التنمية والتنويع الاقتصادي في المملكة وأن يرسخ مكانته ليكون الشريك الاستثماري المفضل عالميا.

تأتي هذه الخطوة بعد تمكننا من تحقيق مستهدفات استراتيجية الصندوق على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، وتحقيق أثر إيجابي في الاقتصاد المحلي وتعظيم العائدات المستدامة. فقد ضاعف الصندوق حجم أصوله تحت الإدارة إلى نحو 1.5 تريليون ريال بنهاية 2020، وأسهم في تفعيل عشرة قطاعات جديدة، وأسهم في استحداث 331 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة خلال الأعوام الماضية.

يمضي الصندوق قدما في تحقيق طموحاتنا الاستراتيجية من النمو الاقتصادي، ورفع جودة الحياة، وإطلاق قطاعات، حيث سيعمل الصندوق خلال الأعوام المقبلة على مستهدفات عديدة من أهمها، ضخ 150 مليار ريال سنويا على الأقل في الاقتصاد المحلي على نحو متزايد حتى عام 2025، والمساهمة من خلال شركاته التابعة في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بقيمة 1.2 تريليون ريال سعودي بشكل تراكمي. كما يستهدف الصندوق بنهاية 2025 أن يتجاوز حجم الأصول تحت الإدارة أربعة تريليونات ريال، واستحداث 1.8 مليون وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر.

ويستهدف الصندوق في استراتيجيته الجديدة إلى زيادة حجم استثماراته المحلية من خلال 13 قطاعا استراتيجيا، وكذلك التوسع في منهجية شاملة لتأمين سلاسل الإمداد والتوريد لمشاريع الصندوق وإشراك القطاع الخاص كمورد ومستثمر، والعمل على تنويع مصادر التمويل لتشمل أدوات تمويلية متقدمة.

- هناك أخبار عن نية الصندوق الاستثمار في قطاعات غير تقليدية مثل الأنشطة الرياضية إلى جانب الاقتصاد الرقمي والنشاط الترفيهي ... هل الاستثمار في سوق الأندية المحلية ضمن اهتماماتكم الكبيرة في المرحلة المقبلة؟

أسهم دعم الصندوق للفعاليات الرياضية رفيعة المستوى في المملكة في دعم وتطوير قطاع السياحة، وهو عنصر رئيس في محفظة الاستثمارات المحلية للصندوق. ويتيح لنا هذا الاستثمار مزيدا من التنويع للمحفظة الاستثمارية

فعلى سبيل المثال، كان الصندوق الراعي الرئيس ل "نزال الدرعية" التاريخي على لقب بطولة العالم لملاكمة الوزن الثقيل، لأول مرة في تاريخ رياضة ملاكمة المحترفين تستضيف فيها المملكة نزالا بهذا القدر من الأهمية، وتعد رعاية الصندوق جزءا من سعينا لتمكين قطاعات جديدة مثل الرياضة والترفيه.

كما يستثمر الصندوق في قطاعات أخرى لها ارتباط مباشر بالرياضة، فعلى سبيل المثال، رعى الصندوق سباق الفورمولا إي في حلبة الدرعية، وكان الصندوق شريكا في بطولة السعودية الدولية للجولف لعامي 2019 و2020.            
 

الأكثر قراءة