الرميان لـ «الاقتصادية»: «شريك» فرصة ذهبية للقطاع الخاص .. حوافز وممكنات لتنمية الأصول والاستثمارات

الرميان لـ «الاقتصادية»: «شريك» فرصة ذهبية للقطاع الخاص .. حوافز وممكنات لتنمية الأصول والاستثمارات
الرميان لـ «الاقتصادية»: «شريك» فرصة ذهبية للقطاع الخاص .. حوافز وممكنات لتنمية الأصول والاستثمارات

أكد ياسر الرميان محافظ صندوق الاستثمارات العامة وأمين عام لجنة استثمارات الشركات الكبرى في برنامج "شريك" أن القطاع الخاص أمام فرصة ذهبية وتاريخية لتحقيق نمو غير مسبوق في الأصول والاستثمارات، في ظل وجود برنامج "شريك" والبرامج والجهات الحكومية الداعمة للاستثمار.
وقال الرميان في حوار مع "الاقتصادية"، "إن دور البرنامج لا يقتصر على تقديم الدعم والتمكين فحسب، بل يقوم بتطوير الفرص الاستثمارية وعرضها على الشركات الكبرى لتعزيز فرص نموها"، مؤكدا دعم البرنامج توجه هذه الشركات لتنويع استثماراتها والدخول في مجالات جديدة ترفع من ربحيتها وتسهم في استدامتها، كما نوه بأن التمكين سيكون من خلال عدة أوجه، بما في ذلك التمكين المالي أو التشريعي والتنظيمي.
محافظ الصندوق كشف عن طبيعة مشاريع برنامج شريك المستقبلية، التي أطلقت بحضور ولي العهد حزمتها الأولى، قائلا "سيحمل البرنامج في مشاريعه المقبلة مزيدا من الاستثمارات في مجالات نوعية تهدف إلى توطين الصناعات ورفع المحتوى المحلي والصادرات وتطوير فرص العمل للمجتمع السعودي وتعزيز العمق الاقتصادي للمملكة وتنويع موارده ودعم ريادة المملكة عالميا وتقديمها كمركز لوجستي عالمي".
وفي مؤشر إلى العمقين المحلي والدولي لبرنامج شريك، قال الرميان "إن بعض المشاريع المعلن عنها تتضمن شراكات مع مستثمرين أجانب، وهذه الشراكات لها دور في تشجيع المستثمرين الأجانب على الاستثمار في المملكة، وجذب سيولة للنظام البنكي ورفع الناتج المحلي"... فإلى نص الحوار:

 

"الاقتصادية": ما الفكرة الأساسية لبرنامج شريك، وما مدى ارتباطه برؤية المملكة 2030؟

برنامج تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص "شريك" هو برنامج استثماري يهدف إلى تقديم الحوافز والتمكين للشركات الكبرى في المملكة لزيادة استثماراتها في الاقتصاد الوطني، بما يسهم في نمو هذه الشركات ونمو اقتصاد المملكة.
ويركز البرنامج على الشركات الكبرى نظرا إلى كونها المحرك الرئيس للقطاع الخاص ونمو المحتوى المحلي، حيث إن نموها يرتبط بنمو بقية الشركات في المملكة من خلال سلاسل القيمة والإمداد، ويخصص البرنامج الدعم والحوافز للمشاريع التي لا يمكن تنفيذها من قبل الشركات دون تقليل المخاطر وتحسين العوائد، وبالتالي فإن البرنامج يقوم بدعمها حتى تتمكن الشركات من تنفيذ هذه المشاريع بما يحقق القيمة للاقتصاد الوطني ويوجد الأثر الإيجابي في التنمية في المملكة، ويكون هذا التمكين من خلال عدة أوجه، بما في ذلك التمكين المالي أو التشريعي والتنظيمي الذي يساعد الشركات على زيادة استثماراتها ومعالجة التحديات التي تواجهها. ولا يقتصر دور البرنامج على تقديم الدعم والتمكين فحسب، بل يقوم أيضا بتطوير الفرص الاستثمارية وعرضها على الشركات الكبرى لتعزيز فرص نموها.
وجاءت فكرة البرنامج من ولي العهد، الذي يقود البرنامج من خلال رئاسته لجنة استثمارات الشركات الكبرى المشرفة على البرنامج. حيث يسهم البرنامج بشكل مباشر في تحقيق المستهدفات الاقتصادية لرؤية المملكة 2030، مثل رفع ترتيب اقتصاد المملكة إلى الـ15 عالميا، وزيادة حجم الصادرات غير النفطية في الناتج المحلي غير النفطي إلى 50 في المائة.
كما يسهم البرنامج بشكل مباشر في دعم المستهدفات المرتبطة بتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني، مثل مستهدف زيادة مستوى مشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلي إلى 65 في المائة بحلول 2030، ومساهمة المشاريع المدعومة من البرنامج في توطين صناعات جديدة، وزيادة حجم الصادرات.


"الاقتصادية": ما حوكمة البرنامج، وكيف يعمل في ظل وجود عدد من الجهات الحكومية في المشهد الاستثماري في المملكة؟


ما يميز البرنامج هو تركيزه على شريحة محددة من القطاع الخاص، هي الشركات الكبرى، وهو يستهدف الوصول إلى خمسة تريليونات ريال بحلول 2030. وسعيا إلى تحقيق هذا المستهدف، يتبع البرنامج حوكمة تكاملية مع الجهات ذات العلاقة، بالعمل على دراسة الحوافز والدعم لتمكين المشاريع الإضافية للشركات، حيث يقوم البرنامج بتشكل فريق متخصص لدراسة كل حافز ومشروع على حدة، ومن ثم يتم رفع توصية مشتركة حيال الدعم المطلوب لتتم مناقشتها مع لجنة مختصة تضم عددا من الجهات الحكومية، ليتم رفع توصية اللجنة إلى الجهات ذات العلاقة، بحسب الإجراء لاعتماد الدعم وتقديمه للشركات.
أما فيما يخص جانب تطوير الفرص الاستثمارية للشركات، فيتم ذلك من خلال لجان إشرافية قطاعية متخصصة برئاسة وزارية، بما يضمن المواءمة مع كل قطاع عند تطوير الفرص الاستثمارية واقتراحها على الشركات. كما يناط بهذه اللجان دراسة الدعم التنظيمي والتشريعي في كل قطاع، بهدف تمكين استثمارات القطاع الخاص بما يعود بالنفع على اقتصاد المملكة.


"الاقتصادية": البرنامج يركز على الإبداع والابتكار، ما الأثر الاقتصادي لبرنامج "شريك"؟


يقدم برنامج شريك الحوافز والتمكين لمشاريع محددة يتم الاتفاق عليها مع الشركات، حيث لا يقدم البرنامج أي دعم مفتوح لا يرتبط بمشروع محدد. ولدى البرنامج عدة معايير رئيسة عند تقييم الحوافز والدعم للمشاريع، أهمها أن يكون المشروع الاستثماري يتطلب الدعم والتمكين، وبدون تقديم الدعم لا يمكن للشركة الاستثمار في المشروع. وهذا الأمر من شأنه ضمان أن تمثل المشاريع المدعومة من برنامج شريك إضافة إلى الاقتصاد الوطني، التي لم يكن القطاع الخاص قادرا على استثمارها من قبل.
كما ينظر البرنامج إلى المضاعف الاقتصادي للمشاريع، ومدى الأثر الذي توجده في تطوير الوظائف للمجتمع السعودي. إضافة إلى دعم المحتوى المحلي ومدى أهمية توطين صناعات جديدة للمملكة، وأثرها في الميزان التجاري للمملكة من خلال زيادة حجم الصادرات. حيث يسهم المحتوى المحلي للمشاريع والمضاعف الاقتصادي العالي لها في جذب استثمارات ومشاريع داعمة من خلال سلاسل القيمة والإمداد، ما يمثل فرصة للقطاع الخاص بشكل عام وليس فقط للشركات الكبرى.
وبالنظر إلى الحزمة الأولى التي تم الإعلان عنها، نجد أنها مشاريع رائدة إقليميا وعالميا وتسهم في التوطين على عدة قطاعات، كما توفر عشرات الآلاف من فرص العمل للمجتمع السعودي في مجالات نوعية، وهذا أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى البرنامج.
من جانب آخر، فإن بعض المشاريع المعلن عنها تتضمن شراكات مع مستثمرين أجانب، وهذه الشراكات لها دور في تشجيع المستثمرين الأجانب على الاستثمار في المملكة، وجذب سيولة للنظام البنكي في المملكة ورفع الناتج المحلي.
وستسهم هذه الشراكات في نقل المعرفة ورفع الإمكانات المهنية والفنية للكوادر الوطنية، فضلا عن الفوائد الاستراتيجية لهذه المشاريع وغيرها من المشاريع المستقبلية التي يجري العمل عليها مع شركاء برنامج "شريك" في القطاع الخاص. كل هذه الآثار الإيجابية هي أحد الأهداف الرئيسة التي وجد لأجلها برنامج شريك.


"الاقتصادية": ماذا عن دخول الشركات الكبرى المنضمة إلى البرنامج في تشييد مشاريع استراتيجية مثل كيابل اتصالات تحت البحار ونقل وخدمات لوجستية وصناعة محركات السفن وغيرها؟


الشركات الكبرى في المملكة لديها نضج استراتيجي وتخطيطي عال، وهذا يساعد كثيرا في النقاش معها والاتفاق على المشاريع التي تخدم مصالح الشركات، وفي الوقت نفسه تتواءم مع التوجهات الوطنية. وفي عديد من الحالات نجد توافقا كبيرا بين توجهات القطاعات واستراتيجياتها الموضوعة مع الخطط الاستثمارية للشركات، ومن ضمن ذلك المشاريع التي أشرت إليها في سؤالك، وغيرها، التي تعد مشاريع مستدامة على المدى الطويل وتحقق أهدافا استراتيجية عديدة للشركات المستثمرة وللمملكة أيضا.
حيث نشجع الشركات الكبرى على استغلال إمكاناتها الفنية والمعرفية للدخول في مجالات جديدة تفتح لها آفاق النمو بما يعود بالنفع على مستثمريها، وتستغل الموارد الوطنية في المملكة والتوجهات الحكومية الطموحة تحت مظلة رؤية 2030 التي تفتح معها عديدا من الفرص الاستثمارية. وفي ظل وجود برنامج شريك وغيره من البرامج والجهات الحكومية الداعمة للاستثمار، أرى أن القطاع الخاص -وبالأخص الشركات الكبرى- أمام فرصة ذهبية وتاريخية لتحقيق نمو غير مسبوق في أصولها واستثماراتها.
ومما لا شك فيه، فإن دخول الشركات الكبرى في هذه المجالات والصناعات الجديدة يفتح المجال لبقية الشركات في القطاع الخاص الأقل حجما للدخول في الصناعات الداعمة من خلال سلاسل القيمة والإمداد، ويحمل ذلك معه فرصا استثمارية جديدة لها لم تكن موجودة مسبقا. ويمكن رؤية ذلك في المشاريع النوعية المعلن عنها في الحزمة الأولى من برنامج شريك، التي يتطلب تنفيذها استكمالا لسلاسل الإمداد في المملكة، وبالتالي هذا يوجد دورة استثمارية في الاقتصاد.
وسيحمل برنامج شريك في مشاريعه المقبلة مزيدا من الاستثمارات في مجالات نوعية تهدف إلى توطين الصناعات ورفع المحتوى المحلي والصادرات وتطوير فرص العمل للمجتمع السعودي وتعزيز العمق الاقتصادي للمملكة وتنويع موارده ودعم ريادة المملكة عالميا وتقديمها كمركز لوجستي عالمي.


"الاقتصادية": أهمية برنامج شريك تكمن في كونه برنامجا اقتصاديا مبتكرا لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص.. ما توقعاتكم لاستراتيجيات الشركات السعودية الكبرى حتى تستطيع توجيه أعمالها نحو مشاريع تتميز بضخامة الحجم وقوة التأثير في مختلف القطاعات الاقتصادية؟


ما لمسناه من خلال برنامج شريك هو أن الشركات الكبرى في المملكة تملك الملاءة المالية والإمكانات الفنية، والأهم من ذلك الرغبة والطموح في تحقيق نمو غير مسبوق، والمنافسة بشكل جاد في الأسواق الإقليمية والعالمية. والبرنامج يدعم هذا التوجه، وقدم سبل الدعم والتمكين لتحقيق ذلك.
ولذلك، وفي ظل وجود برنامج شريك وعديد من البرامج والأجهزة الحكومية الأخرى الداعمة، أرى أن الشركات الكبرى ستواصل نهجها في السعي إلى النمو والتوسع داخل المملكة والاستفادة من ذلك لرفع حصتها السوقية إقليميا وعالميا، ومواصلة الدخول في الأسواق العالمية من خلال إنتاجها وعملياتها في المملكة وتصدير ذلك إلى الدول الأخرى. وهذا بلا شك يسهم في نمو الاقتصاد السعودي.
كما يدعم البرنامج توجه الشركات الكبرى في تنويع استثماراتها والدخول في مجالات جديدة ترفع من ربحية الشركات وتسهم في استدامتها، ويمكن رؤية ذلك من خلال الحزمة الأولى المعلن عنها والمشاريع التي يجري العمل عليها. وعند النظر إلى الشركات الرائدة عالميا، نجد أن محافظها الاستثمارية متنوعة في مجالات عدة، وهذا يدعم استقرار الشركات وتقليل تأثرها بالظروف والتغيرات القطاعية، وهذا يخدم أيضا المستثمرين في هذه الشركات.


"الاقتصادية": ما مدى توافق خطط البرنامج مع الاستراتيجيات الوطنية؟


في البداية، حددت الاستراتيجيات القطاعية مجالات الاستثمار والفرص الاستثمارية للقطاع الخاص، حيث تعد خريطة الطريق للوصول إلى المستهدف في كل قطاع. ومن ضمن أدوار البرنامج تمكين كبرى شركات القطاع الخاص من الدخول في الاستثمارات التي تتوافق مع هذه الاستراتيجيات، وبالتالي يمكن اعتبار برنامج شريك أحد الممكنات لتنفيذ هذه الاستراتيجيات بما يتماشى مع أهداف البرنامج.
وكما ذكرت سالفا، نجد توافقا كبيرا بين توجهات القطاعات واستراتيجياتها الموضوعة مع الخطط الاستثمارية للشركات، وهذا يشير إلى أن الاستراتيجيات الوطنية والقطاعية ومبادراتها تم وضعها وتطويرها أخذا في الحسبان مدى قابلية الاستثمار في هذه المبادرات، وهذا أمر مهم لتحول اقتصاد المملكة ومشاريعها من مشاريع تعتمد على الاستثمار الحكومي إلى مشاريع يتم تنفيذها من القطاع الخاص.
ويسهل هذا الأمر على برنامج شريك تحقيق التوافق بين خطط البرنامج، التي تركز على دعم نمو الشركات وتحقيقها خططها التوسعية، والاستراتيجيات الوطنية والقطاعية في المملكة.
وكما ذكرت سالفا فإن البرنامج قام بتشكيل لجان إشرافية قطاعية لتطوير الفرص الاستثمارية في كل قطاع واقتراحها على الشركات. ويستند تطوير هذه الفرص إلى مصادر من ضمنها الاستراتيجية الوطنية والقطاعية المعتمدة لكل قطاع.
وفي حال عدم جاذبية هذه الفرص للشركات الكبرى، يقوم البرنامج بتقديم الممكنات والحوافز لتحويلها إلى فرص قابلة للاستثمار من قبل القطاع الخاص. وبهذا الشكل يسهم البرنامج في تحقيق التوافق بين خططه التي تتمحور حول تعزيز نمو استثمارات الشركات الكبرى في القطاع الخاص، وبين الاستراتيجيات الوطنية القطاعية المعتمدة.


"الاقصادية": أخيرا، ما أبرز الإنجازات التي حققها البرنامج منذ إطلاقه عام 2021؟


برنامج شريك أصبح خيارا رئيسا لكبرى شركات القطاع الخاص، حيث يبلغ عدد الشركات المشمولة في البرنامج 28 شركة من القطاع الخاص في المملكة، وقد تم أخيرا الإعلان عن الحزمة الأولى من مشاريع الشركات الكبرى "شريك"، وتم التوقيع على عدد من الاتفاقيات الإطارية واتفاقيات الدعم لـ12 مشروعا سيتم تنفيذها من قبل ثماني شركات، في عدد من القطاعات الاستراتيجية والحيوية، وتبلغ القيمة الإجمالية للمشاريع المعلن عنها نحو 192 مليار ريال، وتمثل حصة استثمارات الشركات الكبرى "شريك" منها نحو 120 مليار ريال، ويصل أثرها في الناتج المحلي للمملكة إلى ما قيمته 466 مليار ريال خلال العقدين المقبلين.
وستحمل الحزمة الأولى من المشاريع المدعومة أثرا اقتصاديا واستراتيجيا للمملكة، إضافة إلى توفير 64.451 فرصة عمل جديدة بحلول عام 2030.

الأكثر قراءة