صيف الكارثة الصحية والاقتصاد العالمي «1من 2»
يواجه العالم كارثتين تجعلان أزمة مرض فيروس كورونا كوفيد - 19 أشد سوءا مما ينبغي لها أن تكون عليه. تتمثل الكارثة الأولى في ظهور المتحور دلتا، الذي تبين أن عدواه أشد بمرتين وأنه أكثر فتكا بنحو 1.5 مرة إلى مرتين مقارنة بفيروس كورونا الأصلي. الكارثة الثانية أن حكومات الشمال العالمي لم تخصص الموارد اللازمة لزيادة إنتاج اللقاح إلى المستوى المطلوب لتحصين سكان العالم بحلول نهاية هذا العام. الأسوأ من ذلك أننا كلما تكاسلنا وتقاعسنا، زادت احتمالية تآكل المناعة التي توفرها اللقاحات والإصابات السابقة بعدوى كوفيد - 19.
نظرا لهاتين المشكلتين، من السابق للأوان الآن أن نبدأ في الحديث عن الاقتصاد العالمي بعد الجائحة. ويجب أن تظل الصحة العامة على رأس الأولويات. أما عن الاقتصاد، فيجب أن يكون التركيز على الإبقاء على المحرك الاقتصادي الأساسي دائرا وتجنب زيادة هائلة في الفقر. مع تفشي المتحور دلتا، ينبغي لنا أن نؤجل الجهود الرامية إلى إعادة الاقتصادات إلى الوضع الطبيعي للتشغيل الكامل للعمالة إلى ما بعد نجاحنا في اكتساب مزيد من مناعة القطيع بفضل اللقاحات والمناعة المكتسبة.
بما أننا لا نستطيع أن نعرف الحال التي سيكون عليها الاقتصاد العالمي في غضون ستة أشهر من الآن، فإننا لا نعرف حتى الآن أي السياسات قد تكون أكثر ملاءمة لدفع التعافي السلس المستدام. على المنوال ذاته، ينبغي لنا أن نرفض مقترحات تهدئة الاقتصاد العالمي من أجل تجنب حدوث دوامة تضخمية غامضة أو عودة حراس سوق السندات في المستقبل. ينبغي لنا أن نتصدى لمتحور دلتا بتسخين الاقتصاد وليس تهدئته.
باستثناء عدد قليل من الخبراء المطلعين حقا الذين لسوء الحظ نادرا ما يسمع لهم صوت بجانب الضوضاء السائدة، أصبح جهلنا بمجموعة المسارات المحتملة للجائحة هائلا. ولم تعد الصورة العالمية واضحة. وكل ما يمكننا فعله هو النظر في عينات أشد ضيقا.
تعد المملكة المتحدة أحد أطباق استنبات بتري. عانت المملكة المتحدة انعدام الكفاءة والإهمال واسع الانتشار. لم يفعل ألكسندر بوريس دي فيفيل جونسون رئيس الوزراء كل هذا بمفرده، وإن كان من المؤكد أنه حافظ على أسلوب أدائه في الحديث الإعلامي واستمر بطريقة ما في النهوض بعد كل فشل. دون وصول لقاحات آمنة وفعالة بسرعة، يكاد يكون من المؤكد أن الدولة ستفقد عددا أكبر من أرواح الناس بسبب كوفيد - 19، بعد أن خسرت بالفعل 130 ألفا "0.2 في المائة من السكان".
تقدم دول شرق آسيا الجيدة الأداء طبق بتري الثاني. بعد أن أثبتت فعاليتها لفترة طويلة بدأت آليات التحكم في الانتشار التي تفوقت على العالم تتصدع الآن تحت الضغط الذي يفرضه المتحور دلتا. وبوسعنا أن نستنتج أن هذه التدابير ضرورية لكنها غير كافية، حيث يقتصر استخدامها على شراء الوقت لبرامج التطعيم الشاملة... يتبع.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.