فخ التفاصيل
ظهر تسعة رجال في مؤتمر تقني عظيم قبل أيام حاسري الرؤوس بلا شماغ وعقال، وطفق البعض منتقدا ناقدا فيما سطحت وسائل إعلام الحدث ونقلته وما فيه من إعلانات فريدة إلى مناطق غير مستهدفة من المؤتمر.
لقد كان بالإمكان تلافي ما كان بتوضيح سبب المظهر في مستهل الحفل وبعيد الضجيج الذي لحق بالحدث استغرب من يجعل الشماغ معيارا تقاس عليه الهوية أو مؤشرا للوطنية، فثمة مناسبات عديدة ظهر فيها مسؤولون بلا شماغ وعقال، ومرت الأمور بهدوء فكل ما في الأمر عادة والسلام.
أكتب إليكم بشماغ وعقال من باب العادة لا أكثر، فلو قدر وولدت في مكان آخر ربما لبست العمامة أو الكوفية أو الطربوش وهلم جرا، وأما نزعه بحجة التقرب للشباب فهذا غير منطقي، وإن صح فالأولى المعلمون وأساتذة الجامعات والمدربون ليتحقق المراد في التقبل وزيادة الفهم.
للناس فيما يأكلون ويشربون ويعشقون مذاهب طالما لم يمسوا المحظور قولا وفعلا، وبين الهوى والهوية خيط رفيع لا يستحق كل هذا العناء، فمنا من إذا بلغت به الحماسة مبلغا رماه أرضا والظهور بالشماغ أو دونه، وتركه لا يعني انتزاع الجذور ولبسه لن يبلغ بصاحبه هامات السحب.
في النهاية من المهم التركيز اتصاليا على مظاهر المؤتمرات والمناسبات ذات البث المباشر، لأن التفاصيل الصغيرة قد تنشأ عنها رسائل غير مستهدفة تسحب الحدث لمناطق جدل واسعة قد تصل إلى أن تقع المناسبة في فخ التفاصيل المبنية على تأويلات سطحية وهامشية بدلا من التركيز على المنجز وأهميته.