لهفة سوف
يدفع أبو عامر اشتراك سنة في أحد الأندية الرياضية بعد أن سلب الحماس لبه للألعاب الهوائية، واستوطن الشوق فؤاده، وهو يتخيل صورته أمام المرآة بقوام رشيق "وعضلات مفتولة"، والحال ذاته مع أم عامر زوجته، التي شغفها القوام الرشيق حبا في الأكل الصحي، فعمدت إلى أحد المتاجر التي تقدم اشتراكات للطعام الصحي مع التوصيل للمنزل، وفي الواقع أنهما استمتعا بلحظات جميلة قبل أن يقررا المضي قدما في مشاريعهما الصحية، وكانا في قمة السعادة أيضا، وهما يقومان بالتخطيط لهذه الأنشطة.
في الواقع، لقد مضيا فرحين مستمتعين بما حققاه ولبيا رغبة كانت تغمرهما في لحظة أنس جميلة بالبدن والأكل الصحي، لكنها لحظات لم تدم طويلا، حيث توقف أبو عامر بعد اليوم الثالث ووضع لذلك ألف عذر، كما امتلأت ثلاجة مطبخ أم عامر بصناديق الطعام الذي يأتيها ثلاث مرات في اليوم، حيث لم تعد لها رغبة في الأكل غير "الناطع".
إن حالة بيت أبي عامر؛ وإن كانت رمزية، إلا أنها منتشرة، واستخدام "التسويف" التسويقي في تحقيق الأماني والغايات أمرا في غاية السهولة، ويمنح النفس الشعور بالراحة، لأنها لم تركن للكسل؛ بل فكرت وقررت ودفعت مبالغ مالية، وهكذا تستمر: سوف نذهب؛ سوف ننجز؛ سوف نفعل؛ وكل شيء يذهب عدا "التسويف".
إن كثيرا من الناس يتخذون قرارات مهمة ومصيرية في حياتهم اعتمادا على توقعاتهم لتصرفاتهم المستقبلية، لكن في كثير من الأحيان لا تتحقق تلك التوقعات، فتكبدهم خسائر ونتائج سلبية؛ فضلا عن حالة الاحباط والخذلان بعدم القدرة على تحقيق الأهداف، والسبب وراء ذلك لهفة "سوف" دون التحقق مما إذا كنا قادرين على فعلها حقا.