"لا تشيل هم"
قبل عدة أعوام، أذكر أنني أوكلت لي مهمة إعداد تقرير له علاقة بمبادرة كنت جزءا منها. ولم يكن إعداد التقرير في مجمله أمرا معقدا وشائكا. ولكن عانيت في أحد أجزائه، بسبب عدم تمكني من جانب معين فيه.
سألت أكثر من زميل عن الشخص المناسب الذي بوسعه أن يساعدني على إكمال التقرير، وتوجيهي في تطوير إحدى فقراته.
معظمهم أرشدوني إلى زميل بعينه، نظرا إلى براعته ومهارته في هذا الجزء.
تجاوزت الصعب بمعرفة من بمقدوره مساعدتي، لكن تبقى الأصعب في الموضوع، وهو كيفية مفاتحته؟
إذ لم يسبق لي أن تقاطعت معه في أي مهمة عملية من قبل، لذ ترددت كثيرا من سؤاله.
ولأن الموعد قد أزف، وداهمني الوقت، فقد اضطررت إلى سؤاله، مع خشيتي أن أسبب له حرجا.
ولكن بدد كل مخاوفي بسرعة تجاوبه.
رد علي باقتضاب ووجهه يضيء بابتسامة قائلا، "لا تشيل هم يا عبدالله". أي لا تحمل هما.
شرحت له باختصار ما أريد، ولم تنقض عشر دقائق، إلا وقد انتهينا من الجزء المرجو.
حرصت على ألا أعرض التقرير لوحدي، وسألته أن نعرضه معا، لدوره المحوري فيه، فأكرمني بموافقته.
نال التقرير وزميلي تقديرا وثناء وافرا من رئيسنا ومن جميع الزملاء الذين حضروا المناسبة.
صنع زميلي بعبارته "لا تشيل هم" قاعدة لعلاقة صداقة متينة لا تزال مستمرة، على الرغم من مرور أكثر من 16 عاما على انهمارها الجميل من لسانه.
والأهم من ذلك أن سلوكه الراقي جعل منه كفاءة متميزة في عمله، يشار إليها بالبنان والامتنان.
الجميع يقدره ويلتف حوله. الكل يرغب في أن يعمل معه ويستنير برأيه.
تذكرت زميلي وأنا أشاهد جزءا من مقابلة مع رجل الأعمال الشهير إيلون ماسك وهو يتحدث عن أهم سمات الموظف المناسب.
فقد قال، "أكبر خطأ ربما ارتكبته هو إعطاء وزن أكبر لموهبة إنسان ما أكثر من شخصيته.
أعتقد أنه من المهم حقا أن يكون لدى الشخص قلب طيب".
من دروس الحياة التي يجب أن نتعلمها، أنه كما يجب أن تدرب عقلك على التطوير والتحسين، درب قلبك على الطيبة والعطاء.
فلا موهبة تنفع بلا قلب معطاء متسامح.
من يبحث عن الموظف الملائم، لا يسأل فقط عن موهبته العملية بل شخصيته وأخلاقه.
فلا تنفع مهارة بلا لباقة.
اجعل الكلمات الطيبة رطبة في لسانك.
وبعدها "لا تشيل هم" أبدا. اغرس الكلمات اللطيفة جذرا ترتفع مكانتك جذعا.